Pages

وسيم

محني الرأس دامع العينين ، كان يمر وسيم إلى جوار محل الشربتلي مودعًا ، في هذا الصباح الباكر من صيف عام " 1945 " .. كان هو الطفل ذو العشرة أعوام الذي طالما تأمل تلك الملابس التي تكسو تماثيل المانيكان الخشبية ، ملابس رجال من أفضل طراز ، ريدنجوت و إسموكينج و معاطف صوفية ، و بدلات تشريفاتية و قمصان حريرية و كتانية ، و أحذية جلدية ذات لونين الأبيض و الأسود ، و طرابيش من الجوخ الأحمر ، كلها وضعت في الواجهة الزجاجية الأمامية ، أما في الواجهة الجانبية فهناك أصناف من الساعات و المحافظ الجلدية و الأحزمة ، و القلادات و الدبابيس الذهبية و أزرار الأساور ، إلى آخر تلك الأشياء التي تميز الطبقة العليا في المجتمع من البكاوات و الباشاوات زبائن هذا المحل الراقي .

كان وسيم يعرف كل معروضات هذا المحل ، و يحفظها عن ظهر قلب ، وكيف لا و هو الذي يقف عند هذه المعروضات يتأملها يوميا أكثر من ثلاث ساعات ، ذهابا و إيابا يتفحصها ، يقيمها ، يتمناها ، يحلم بأن يكون أحد زبائن هذا المحل عندما يكبر .. يتخيل نفسه في كل بدلة أو قميص أو جورب .. يتصور دولاب ملابسه و هو ممتلئ بهذه الأصناف الكثيرة من ثياب علية القوم ، ساعده على ذلك أن المحل يقع تحت شقة عائلته مباشرةً ، و لكنه الآن متجه و أهله إلى سفر بعيد ، لا يعلم متى سيعود منه ولا كيف ، فعائلته الكريمة قررت أن تنهي أعمالها في مصر ، و تهاجر إلى بلاد الإنكليز كما يقولون ، طالما شعر وسيم بالضيق لارتباط عائلته بالمحتل في تلك الأيام ، لكنه كان يعلم أن لكل شيء ثمنا ، و أن تلك الحياة الرغدة التي يعيشها ، هي نتاج تلك العلاقة غير المريحة ، و التي طالما أرقته و أحرجته بين أقرانه في المدرسة و الحي .. الآن هو ذاهب بغير رجعة ، سعيداً بهروبه من نظرات الحقد في عيون أقرانه ، و لكنه حزين كل الحزن أنه لن يستطيع أن يكون يوماً من زبائن محل الشربتلي الشهير ، و لن يتلمس الدفء تحت معاطفه الصوفية في ليالي البرد القارس .

مرت من الأعوام عشرون ، ووسيم الآن شاب يافع ، متزوج من فتاة إنجليزية ، و له منها طفلة جميلة ، و في انتظار طفل آخر ، لم يعرف بعد هل هو ولد أم بنت ، فنحن الآن في العام " 1965 "، و لم تكن ظهرت تقنية السونار بعد ، و هو الآن في طريقه إلى أولى إجازاته في بلده مصر ، على متن الباخرة التي تقله من أحد موانئ البحر الإنجليزي إلى ميناء الإسكندرية .. حاول أن يتذكر أي شيء عن مصر ، تذكر الشوارع بصور متداخلة ، و الأشخاص كأشباح من الماضي السحيق ، فقط تذكر تفاصيل محل الشربتلي بكل دقة ، تعرّف داخل عقله على مكانه ، مظاهره و ألوانه ، أشكال وتفصيلات الملابس المعروضة داخل واجهته الزجاجية البراقة ، تذكر كل شيء بكل دقة ، و كأنه لم يغادر المكان سوى بالأمس ، و في طريقه من الإسكندرية للقاهرة ، كان مشتاقاً أن يرى المعروضات الجديدة ، و قرر أن يصبح زبوناً كما تمنى طوال عمره .. خرج من محطة القطار و كأنه عاشق ولهان يسرع ليلاقي حبيبته ، استقل سيارة تاكسي " شارع فؤاد يا أسطى "، أغلق الباب أو السائق كان قد أغلقه ورائه ، لا يدري ، فقط كل ما جال بخاطره في الطريق ماذا سيختار ، معطف أم بدلة للسهرة ؟ حذاء أسود أم بني اللون ؟ ماذا سيقول للبائع ، آه ، البائع ، هل ما زال هذا الرجل السمين الأصلع ذو الابتسامة العريضة و المتعرق دائما هو من يخدم الزبائن داخل محل الشربتلي ، أم ترى قد تغير هذا الشخص ، كما تغيرت أشياء كثيرة طوال العشرين سنة الماضية ؟ " وصلنا يا أستاذ " هكذا أيقظه صوت السائق من خواطره .. نقده مبلغا من المال و شكره .. تابع لافتات المحال على جوانب العمارات ، آه ، ها هو محل الشربتلي ، على واجهته لافتة تقول " مكتبة الشربتلي للثقافة و الفنون " .. تسمر وسيم في مكانه ، انعقد لسانه ، انفرج فوه عن صيحة دهشة مكتومة داخله .. أين الملابس و الأحذية ؟ أين المعاطف و الجوارب و القلادات ؟ لا يرى أمامه سوى كتب ، رفوف من الكتب .. دخل بدافع الفضول تتصفح عيناه ما على الرفوف من كلمات و عناوين : " الاشتراكية و مذهب التعددية " ، " الثورة المصرية " ، " الفكر التعاوني و آثاره على المجتمع " ، " مقالات في النظرية الماركسية " ، " القومية العربية " ، " الشعوب العربية و تحديات العصر " ، " ناصر و الثورة " ، " الميثاق " .. اندهش وسيم من هذا التغير الكبير في المكان ، و الذي أعقب التغير في الزمان و القيادات و التوجهات و السلطات . حزن كثيرا ، و عرف أن حلمه في أن يلبس من محلات الشربتلي و أن يكون أحد زبائنه المرموقين قد تبدد للأبد .. ابتاع بعض الكتب و شكر البائع و خرج ، وفي نهاية إجازته حاول أن لا ينظر لمحل الشربتلي و هو يعبر الطريق ليستقل سيارة أجرة ، لتقله إلى محطة القطار ، لكنه لم يشعر بنفسه إلا و هو يقف داخل مكتبة الشربتلي ، و يبتاع كتابا جديدا يعينه على وحدة السفر و طول المسافة ، كان الكتاب بعنوان " تصفية الإقطاع في التجربة المصرية " .

مرت سنوات ، و سنوات أخرى ، وسيم الآن في مطار القاهرة في العام " 1980 "، يحمل حقائب السفر و مبلغا كبيرا من المال ، و سنوات عمر تتجاوز الخامسة و الأربعين ، و شعيرات بيضاء أضاءت جانبي رأسه ، و مشكلات اجتماعية طاحنة .. انفصال مؤلم عن زوجته الإنجليزية ، و انفراد الابنة بحياتها على الطريقة الأوربية ، و تذمر دائم من الابن على كل ما هو عربي .. القصة الدائمة للمهاجر العائد إلى الشرق ، نجاح في العمل و فشل اجتماعي يمنع أي بهجة يمكن أن تفوز بها مقابل هذا النجاح العملي .. زواج من أجنبية ينتهي بالانفصال ، و الأولاد مع الأم دائما ، و يعود الأب أدراجه يلملم نقوده متجها إلى جذوره التي كانت ، و كأي مهاجر عربي عائد إلى بلاده ، اتجه وسيم إلى مصر ، وهو الآن في طريقه إلى بيت العائلة ، الذي ظل مغلقا تسع سنوات ، بعد أن توفيت آخر الخادمات المصريات التي كانت ترعى البيت من وقت لآخر في أثناء غياب أصحابه . تذكر محل الشربتلي ، الذي أصبح مكتبة الشربتلي فيما بعد ، تذكر الكتب التي كان قد ابتاعها و قرأها ، تذكر أيضا أنها الكتب الوحيدة التي أحضرها معه و هو عائد من سنوات غربته ، على الرغم من المكتبة في بيته اللندني الزاخرة بكل ما هو قيّم ، فقط هذه الكتب هي ما قرر هو أن يأخذها ، أن يحتفظ بها ، و كأنه بذلك يحمل صك انتمائه إلى مصر .. فاجأه صوت السائق الجهوري : " وصلنا يا باشا ، أي خدمة " سأل عن الأجرة ، و أجابه السائق بمبلغ مبالغ فيه بعض الشيء ، نقده إياه و ترجل من السيارة و عينيه تسبقانه ، بحثا عن مكتبة الشربتلي ، لتصطدم بلافته ذات ألوان صفراء و خضراء و حمراء كتب عليها " بوتيك شربات " .. ارتسمت الدهشة على وجه وسيم و جحظت عيناه في مشهد يذكرنا بأفلام كارتون الأطفال ، سقط فكه السفلي و انعقد حاجباه و زام " وااااااااااو " تقدم رويدا رويدا ليقترب من المكان ، متفحصا أصناف البضاعة المعروضة في واجهته الزجاجية ، التي أصبحت غير براقه بالمرة ، من كثرة ما بها من ملصقات ، على الرفوف أنواع متعددة من الشامبوهات و الكريمات و إكسسوارات السيدات ، و شرائط الكاسيت و منتجات بلاستيكية و استانلس ستيل خاصة بالمطابخ و أعمال الطهي ، و برفانات و ماكينات حلاقة كهربائية و يدوية و بعض لعب الأطفال و...و...و...و " كله مستورد يا بيه " ، نظر إلى البائع على باب المحل ، فوجده يخاطبه بأسلوب مقتحم و لهجه بورسعيدية واضحة ، دخل وسيم إلى المحل ، فلم تخطئ عينه المتدربة على المنتجات الأوربية الجيدة ، سوء حالة المنتجات المعروضة ، و عدم جودتها ، بل إنه رأى في بعضها أنها منتجات معيبة ، و غير صالحة ، و في الداخل كان العجب في انتظاره .. شرائط فيديو و معلبات فواكه و عصائر و عبوات شاي و سكر ، و راديوهات ترانزيستور و كاسيتات و سجائر ، كل شيء تقريبا يوجد هنا ، حتى أن وسيم توقع أنه لو سأل عن ابنه أو ابنته سيجدهما في الفاترينة و عليهم ورقة السعر .. خرج وسيم دون أن يشتري شيئا ، ولم يفته أن يلحظ نظرة البائع إليه بازدراء و حنق ، متحسرا على وقته الثمين الذي أضاعه مع هذا الزبون غير النافع .

قضى وسيم شهورا في القاهرة يحاول أن يبدأ حياته من جديد في بلده ، لكنه فشل و خسر و تعب ، فغادر كما جاء ، و لكن هذه المرة دون أن ينظر إلى الوراء ، على لافتة محل الشربتلي التي أصبحت ( بوتيك شربات ) .

مات وسيم في العام " 2005 " عن عمر يناهز السبعين ، و ترك وصية لم ينفذ منها أبناؤه سوى بند واحد فقط ، ألا و هو أن يدفن في مصر ، فقط لأن تنفيذ هذا البند يوفر المال و الجهد ، و يعفي أبناءه في إنجلترا من ثمن مقبرة و صندوق يليق بمستواهم الاجتماعي .. قامت ابنته وولده بشحنه على متن الطائرة المتجهة إلى مصر ، على أن يتسلمه أحد أقاربه هنا لتقوم عائلته في القاهرة بإيصاله إلى مثواه الأخير في مقابر العائله بالدرّاسة .. وصل الصندوق إلى قرية البضائع ، و تسلمته العائلة ، و ذهبوا به إلى بيت العائلة في شارع فؤاد ، لتخرج الجنازة ظهرا من هناك إلى المقابر .. إحتشد عدد قليل من الأقارب و الجيران و معارف الأهل و الأسرة ، تباكوا على الفقيد بفتور ، و انخرط بعضهم في أحاديث جانبية ليس لها علاقة بالفقيد .. دارت أقداح القهوة و أكواب الماء .. تمت إجراءات الغسل و التكفين و تحضير الميت للدفن ، توجهت الجنازة نزولا على سلالم البيت العتيقه ، خرجت مارة من أمام المحال المجاورة ، أحدهم مغلق يحمل لافتة كتب عليها " موبايلات شرباتكو " و على الباب كتبت عبارة : " تحت الحجز التحفظي ، مغلق لإفلاس التاجر " .

عدد جديد

صدر عدد ديسمبر من مجلة علّي صوتك

موضوعات متنوعة و مميزة

إفتتاحية العدد عن حكومة بطعم الكراملة

و ملف كامل عن التدوين

و حوارات مع المدونين

و تحليل للظواهر الغريبة في التدوين

و آراء مستقلة تتناول بالبحث و التحليل حياة المصريين و مشاكلهم

و قسم علمي متخصص أسمة علمي علمك للقرّاء ذوي الميول العلمية

أما في الرياضة فنتكلم عن أهلي الأنجازات

و أيضا عن الدورة العربية للألعاب الرياضية

و في فانتازيا نقدم ستوديو علّي صوتك و صور من الشارع المصري ليها العجب

و أيضا كليب حصري من أنتاج علّي صوتك عن الفنان ناجي العلي

أما في قسم الخدمات بنقدم

ساقية عبد المنعم الصاوي و برنامج هذا الشهر كامل لكافة العروض

و كمان برنامج و أماكن عروض مهرجان القاهرة السينمائي الدولي

و كمان معلومات عن مكان و موعد بدأ معرض القاهرة الدولي لكتب الأطفال

و أخيرا في باب المدونات أخترنا لكم ثلاث تدوينات

على بياض

و الساحر الأخير

و نقاب الملائكة

نتمنى أن تستمتعوا بكل ما نقدم في هذا العدد

مع تحيات

أسرة التحرير


ليال

كانت كالعادة تضحك حانية على إحدى تلميذاتها في المدرسة ، ليال ، هذه التلميذة النجيبة التي تراها فتشع في روحها بهجة و ود ، كانت دائما تنظر إلى هذه التلميذة و تشعر بالفخر أنها تلميذتها هي ، في فصلها هي ، كما أن مشاعر ليال تجاهها كانت تشعرها بقيمة عملها كمعلمة ، مربية أجيال كما كانت تفضل دائما أن تقول . كانت تنظر إلى ليال و تسرح ، وتتمنى أن تكون لها ابنة في أخلاق ليال و جمال ليال و تفوق ليال ، و عند هذه الفكرة دائما كانت تدمع عيناها ، فهي تعلم أنها أمنية لن تكون ، و فرحة لن تحدث ؛ فهي لن تتزوج أبدا .. هكذا قررت منذ زمن ، وهكذا عاشت و رتبت حياتها . كانت تقول لنفسها دائما " ابناء إخوتي هم أبنائي ، و وحدتي هي درعي الحامي "، فتجارب الزواج حولها غير مبشرة ، ولا مشجعة على المجازفة بخطوة في هذا الاتجاه ، أبدا .

كانت تخرج من بيتها في الصباح الباكر وحيدة ، تشعر بالبرودة تسري في أوصالها ، ذاهبة إلى مدرستها التي تعمل بها ، لتعيش مشاكل زميلاتها و ضحكات زملائها ، و براءة تلميذاتها و تلاميذها ، و مع جرس انتهاء اليوم الدراسي ، تعود إلى وحدتها ، متجولة في المدينة الكبيرة ، و كأنها ترجو من المدينة أن تبتلع وحدتها .. رعشتها .. ولكن المدينة لا تستجيب ، و يتجدد الأمل مع كل يوم , تظل تحاول حتى تتعب ، فتقفل عائدة إلى بيتها ، الذي لم تشعر هي أبدا أنه بيتها ، و الذي لم تتعامل يوما معه على أنه كذلك .. تحاول أن تملأ وقتها بأحداث حياة أختها الكبرى ، و مشاكل العمل الخاصة بأختها الأخرى ، تحاول أن تذوب في تفاصيل حياة الآخرين ، دون جدوى ، فالوحدة ليست حدثا يمكننا أن ننساه ، بل حياة نعيشها .. و العجيب أنها هي من اختارت هذه الوحدة ، و أحبتها ، بل و صادقتها أعواما و أعواما . و ينتهي اليوم لتنام ، و تصحو وحيدة ، لتخرج من بيتها ترتعد من البرد ، وهي تفكر في ليال ، تلميذتها الجميلة ، فتتمناها ابنة ، و تهرب دموع عينيها من بين أجفانها مذكرة اياها بالدفء المفقود ، لتعلمها أن لاختيار الوحدة ثمن لابد لها أن تدفعه ، و تعرّفها أن هدوء الوحدة موت ، و أن صرير أسنان الوحيد بكاء و أنين .. تمر أحداث اليوم متشابهة مع أحداث أمس ، و أول أمس ، و تجلس هي مغمضة العينين في انتظار جرس انتهاء اليوم الدراسي ، لتبدأ هروبها إلى عالمها الوحيد من جديد .

ترررررررررررن .. ها هو صوت الجرس ، يصرخ معلنا بداية فصل جديد من محاولة الذوبان بين التفاصيل و الاستمتاع بألم الوحدة الخانق .. و لكن ما هذا ، فرنين الجرس لا يريد أن يخفت ، او يتوقف ، فجأة تشعر بكف حنون توضع على خدها برفق بالغ .. تفتح عينيها ..

" صباح الخير "

تنظر إلى وجهه بكل ارتياح و تعلق ( صباح النور )

قومي بقى علشان أنا نازل رايح الشغل ..

تبتسم و هي تتمطى بدلال ( عارف ، كنت بأحلم حلم ، فكرني بأيام ما كنت لسه عبيطة و عايشة وحيدة في الدنيا دي ) ..

- خلاص مابقتيش وحيدة ولا عمرك حاتبقي وحيدة تاني ..

تضحك و تتعلق برقبته ، و تطبع قبلة طفولية على وجهة قائلة :

"لو كان الجنين إللي في بطني بنت نسميها ليال ".

إلى زوجتي


إلى من علمتني أن السعادة حقيقة

و أن البهجة حقيقة

و أن العشق حقيقة

إلى المرأة التي أعطت بلا مقابل و بلا حدود

إلى زوجتي في عيد زواجنا

كل عام و أنتِ حبيبتي

كل عام و أنتِ زوجتي


بلدنا بقى شكلها نيلة


بلدنا بقى شكلها نيلة
كانت زمان حلوة جميلة
تروح في أي مكان حاتشوف
الخيبة و النايبة تقيلة

بلدنا كانت نور للكون
و تلقى فيها علوم و فنون
دلوقتي مافيهاش علم خلاص
و الفن واحد في المليون

بلدنا ماكانتش غنية
كانت فلوسها مكفيّة
دلوقتي فيها فلوس ياما
لكن في إيد الحرامية

بلدنا مليانة قواضي
و الحق فيها كلام فاضي
العدل فيها ياخد له سنين
أصل القانون بقى م الماضي

بلدنا كانت مرتاحة
فيها الأثار و فيها سياحة
جابولنا حاجة إسمها إرهاب
من يومها ماشافيتش الراحة

كانت زمان أم الدنيا
و بتعدل المايلة في ثانية
دلوقتي هي خلاص مالت
و الكل في الناحية التانية

طاب بص حتى لنهر النيل
كان كله خير و شجر و نخيل
دلوقتي لو حاتشوف حاله
راح تبكي و تغرق مناديل

شباب بلدنا عواطلية
و مفرومين مية المية
و كل قهوة عليها ألوف
متخرجين م الكلية

أما البنات بقى حالهم حال
مع أنهم أخلاق و جمال
الواحدة منهم صابرة سنين
من غير جواز ولا بيت و عيال

نقول كمان و نعيد و نرص
الفقر بيننا معدّّى النص
ولا حد في الوزرا بيسمع
و لا حد من حكومتنا يبص

قالولي تبقى ديمقراطي
و تساوي بين عالي وواطي
و لا فرق بقى بين غني و فقير
ما بقينا كلنا بنطاطي

عشان رغيف العيش بنموت
عملنا من أحزاننا بيوت
خلاص بقينا ( نكُح ) تراب
قربنا نلبس ورق التوت

يا رب قادر تحميها
و تصون ترابها و أراضيها
ماتاخدنا رجالة و ستات
خللي الحكومة تشبع بيها

إغزلي توب المحبة


إغزلي توب المحبّة
و إزرعي الفرحة ف عيوني
علمي كل الأحبّة
من جنونك او جنوني
نامي جوه في حضن حضني
خللي إحساسك ياخدني
أوعي نظرة عين تفوتني
أو تنام عيني و جفوني

إبقي دايما جنب قلبي
و أمسكي روحي بكفوفك
إبتسامتك و إنتي جنبي
لسه مليانه بكسوفك
إلمسي إيدي بإيديكي
أحضني عيني بعنيكي
العيون دايما عليكي
يحسدوكي و يحسدوني

إنتي كل جميل و طاهر
إنتي أيقونة سلام
إنتي نور بالحب باهر
يشفي من كل الآلام
إنتي قلب حقيقي صافي
إنتي كف حنون و دافي
إرمي حملك فوق كتافي
ماتخافيش لو فين تكوني

أنا المصري ،، و المصري أنا

انا المصري و المصري أنا
لا بينسى أصله
و لا ينسى أهله
مهما أغتنا
أنا إللي كنت في يوم حياة
فرعون
و كان اسمي الإله
أنا اللي كنت في يوم هرم
أنا اللي علّمت الحياة مَسك القلم
أنا اللي أنشأت الحضارة من العدم
أنا اللي كنت من البداية
عِلم و عَلَم
أنا إبن مينا و حور و حابي
أنا أبني مقتول فوق ترابي
ما أسيبش أهلي
ما أسيبش بلدي
ما أقفلش بابي
و عمري لا في شيبتي و شبابي
ما بأكون جبان
ولا عمري حاابقى غفير نظام للأمريكان
كداااااب كبير
بس باتحمل كتير
عايش أجير
و حاأموت فقير
بس بأضحك عالأمير قبل الغفير
و لا حد فيهم يجري منّي
ولا حد منهم يُسهى عنّي
موجود في يومهم و ف منامهم
كأني جنّي
لكني جوايا الطيابه
ما انا اصلي م الناس الغلابه
مليان ضمير
مفطوم على الجوع و القليل
ما باأخفش حد
ولا حد يقدر يوم بجد
يهين مزاجي
ولا حد يوم بيقول لي روح
ولا حد يقدر يجبرني آجي
أنا بلدي مصر
و قصري ليل و نيل و توت
و عقلي شبكة عنكبوت
عيّان ب بقّي
و لو لساني في الكلام
يوم إبتدى
يا داهية دقي

في يوم ميلادي




لم أتصور للحظة أن يكون يوم مولدي حدثاً مميزا في نظر أيا ً من البشر ، فهو ليس حدثاً مميزا في نظري أنا ، فكيف يكون في نظرالآخرين مميزاً ، فقط بالأمس تغير داخلي هذا المفهوم ، و إلى الأبد
ورود منسقة أجمل تنسيق و بالونات تحمل من الحب أكثر مما تحمل من الهواء ، و رائحة عطرة أحضرت خصيصاً من أجل هذا اليوم و أفخر أنواع التورتة آتيه تسعى بـ "أوردر خاص" من أفخر المحال و أشهرها على الإطلاق و علبة شوكولاتة لم أرى أروع منها ولا أرق و شموع رومانسية تحيط بكل المكان و هدايا لن أذكر ثمنها كي لا اتهم بالتفاخر و النقص الذاتي ، تلك هي تجهيزات زوجتي لهذا اليوم الذي لم أكن أذكره أصلا ً أو أهتم بمرورة ، و لكن روعة الإنسانة تتمثل في كل تصرف تقوم به ، في كل حركة أو همسة أو لمسة ، في كل بسمة أو ضحكة ، مع كل كلمة و في كل وقت .
حبيبتي الجميلة التي لم أرى أروع منها في الوجود
أشكرك على كل السعادة التي تمنحيني إياها في كل لحظة
أشكرك على كل نظرات العشق البادية في عينيكي
اشكرك يا أغلى الناس

العتمة نور



لما حياتنا تتخنق وسط القبور
لما النسايم تتسجن جوا الصدور
لما تبقى رحيتنا موت
تغزل الأحلام تابوت
نتخبى فيه
من كل ظلم و كل جور
والحياة تاخدنا جوه
نبقى أحنا هوه
تتحول الأحلام سفينة
تتحول الدمعة لبحور
وتبقى فينا
العتمة نور
نبنى بالأفكار مدينة
نحيا على أفكار ماضينا
تنفرد أفكارنا فينا
تهرب ,, تدور
من غير جتت يحبسها سور
تفرد الأحاسيس جسور
تملى فى السموات بدور
تهدّ أعشاش النسور
أللى كانت يوم رميتنا فى التابوت
فى القبور
نعرف أن العتمة ضلمة
نعرف أنها مقرفة
نعرف بأن النور ده شمس
ترمي الدفا
ننسى كل ماضينا أمس
يبقى صوت كلماتنا همس
بس همس جرىء وراقى
زى أصوات السواقى
زى هفهفة النخيل
زى صوت مركب فى نيل
زى ضحكة بنت صافية
زى كلمة حب دافيه
زى كف ولد جميل
مليانة عافية
يوم ما يبقى الحق نور
يوم ما نلبس القطيفة
يوم ما يبقى لكل واحد
حق فى كنوز الخليفة
كلنا نعرف ساعتها
أن لون العتمة أسود
و أن لون الضى نور

ناس في بلدي


في بلادي ناس

بقلوب بتنبض بالضمير

و ناس بتحكم ع المصير

وناس عقولهم شىء خطير

و ناس حمير

و ناس بتهتف للحقوق

و ناس بتهتف للأمير

و ناس بتهرب في الشقوق

و ناس بتصرخ تستجير

و ناس بتشرب وسكي صودا

و ناس بتعطف ع الفقير

و ناس بتلبس لبس موضة

و ناس ماتعرفش الحرير

ودي ناس كتير

* * * *

في بلادي ناس راكبين يخوت

و ناس كتيييير من غير بيوت

و ناس تعيش

وناس تموت

وناس بيطحنها الكلام

وناس بيطحنها السكوت

وناس عيون

وناس ودان

وناس بيحدفها اللسان

جوه التابوت

و عيال بيكبر عمرهم

قبل الأوان

و بنات بيفرغ صبرهم

من غير أمان

من غير عريس

وناس تهيم مع الأذان

و ناس تطرقع باللبان

و مجرمين لابسين ذقون

و مجرمين لابسين بوليس

و ناس بتشحت بالرغيف

و ناس بتتعشى ف باريس

و ناس حيتان

وناس غيلان

وناس بيجمعها الإيمان

وناس حياتهم ليل غطيس

وناس حزانا

وناس تهيص

و ناس من الجوع تستغيث

لاتموت فطيس


عدد يوليو 2007






مِغَزل السعادة

التحليل ايجابي حضرتك ، مبروك
هكذا جائني صوت موظف الاستقبال بمعمل التحاليل عبر الهاتف ردًا على مكالمتي بخصوص السؤال عن الفحوص الطبية التي كانت زوجتي قد اجرتها للتأكد من الحمل ، و ها انا الان اسمع الخبر الذي طالما انتظرناه انا وهي و طالما حلمنا به بل تمنيناه و صلينا من اجله .
اقول لحماتي فرحًا " أخيرًا حايبقى عندنا طفل " ترد حماتي بتعجب حقيقي " أخيرًا إيه يا أبني دا أنتوا متجوزين من أربع شهور بس !! ده فيه ناس بتستنى سنين طويله "نعم ، فبحساب الأيام و الشهور كان زواجنا منذ أربعة أشهر ، لكنني حقًا أشعر أننا متزوجين منذ آلاف القرون ، لا أشعر ناحيتها بالغربة – أي غربة – منذ اللحظة الأولى و كأن وجودنا معًا هو طبيعة الأشياء ، كأنه هو الوضع العادي و ما غيره هو الإستثناء ، الآن سيكون لنا طفل يضع حقيقة أسرتنا الصغيرة التي طالما تخيلناها و حلمنا بها معًا حيز التنفيذ ، سنصبح ثلاثً ثم أربع بإذن الله ، لا أخفيكم سرًا أتمنى أن نصبح عشرًا لكنها لو سمعت ذلك لسقطت مغشيًا عليها في الحال ، كم هو جميل هذا الاحساس ، أن تشعر أنك تحيا مع مغزل من السعادة يغزل لك كل يوم سعادة جديدة تليق بيومك الجديد ، و ها هي الآن تخبأ لي داخلها مستقبل كامل من السعادة و الأمل ، ها هي تغزل لي الحلم يومًا بعد يوم ، شهرًا بعد آخر لتكتمل منظومة السعادة في تسعة أشهر ، كي أرى المستقبل يتجسد أمامي أبنًا رائعًا أو إبنةً جميلة .
تعلقت عينيها بتعبيرات وجهي و أنا أتحدث مع موظف معمل التحاليل عبر الهاتف ، لاحظت إبتسامة هاربة من بين شفتاي قبل أن أشكره بأدب و صبر عظيم على الصراخ ، أغلقت الهاتف و تلاقت عينانا فقرأت ما بهم كما فعلت دائمًا ، مبروك ، نطقتها بقلبي و عيناي قبل أن ينطقها لساني ، إبتَسَمَت بخجل و فرحة ، دمعت عيناها كما عودتني في لحظات الفرح الشديد ، شدت على يدي و عانق كفي يداها ، إحتواها كأنه يؤكد لها و يعاهدها أن يظل دائما جانبها يحميها و يرعاها ، زغرودة من أختها التي تجلس في مقعد السيارة الخلفي بهرتني بحق ووضعت أجمل موسيقى يمكن أن تصاحب مشهد سعادتنا ، إذداد خجلها بالطبع مع نظرات الناس في السيارات حولنا ، تحركت مسرعًا وراغبًا عن حق أن أطير ،أن أحلّق في أعلى السماوات .
اليوم ، و بعد ثلاثة أشهر من مكالمتي الهاتفية لموظف معمل التحاليل ، اليوم نرى في شاشة جهاز السونار هذه المضغة لأول مرة ، كائن هلامي لا يشبه شيء ، عالق بجدار الرحم في سكون و ثبات و تؤده تبرز عظمة الخالق العظيم ، أكاد أجُن من الأنتظار ، أكاد أخاطبه كما أني أشعر أنه يسمعني و يفهم ما أقول ، إكبر أيها الجنين الغالي ، إكبر سريعاً لا أطيق الأنتظار ، أريدك بين يدي و في أحضاني ، أريد أن ألامس شعيراتك الخفيفة و أقبل قدميك و يديك و جبينك ، أريد أن أداعبك فتضحك فيُظهر فمك فراغه اللطيف و تخرج من بين جنباته لسانك ليلعق الفراغ على حافة شفتيك الدقيقتين .
أخرج أنا و هي من عيادة الطبيبة ،يدانا متشابكة كالمعتاد ، أبتسم فتلحظ هي بسمتي ، تسألني عن السبب
و أجيبها : فاكرة يوم صرحت لكي بمشاعري ماذا قلت لك ؟
تبتسم هي بخجل و تقول : طبعاً فاكرة ، قلت لي عايزك تكوني مراتي و أم أولادي
نضحك سوياً و أفكارنا تسافر معاً بعيداً ..... إلى المستقبل .

عيد ميلادك أحلى عيد

بأحب شكله

بأحب شكله

و ما أحبش أكله

و أحب أشاكله

و أعيش مشاكله

قلبي إنشبك له

وراح شبك له

رسم بدمي

في قلبي

شكله

يا حبيبتي ماتخافيش

يا حبيبتي ماتخافيش

عيني مش بتشوف سواكي

جوه قلبي ماتلاقيش

غيرك إنتي يا ملاكي

غِيـري

أوعي ماتغيريش

ثوري

أوعي ماتثوريش

كوني حب بيبتدي و ما بينتهيش

كوني للأحلام سما

جناحات و ريش

شقشقي فجر النهار

من عيونك

خللـّي نور الدنيا يشرق

بين جفونك

يبقى قلبي في صدري شايفك

و النغم من بين شفايفك

يحكي عن حبك ،، يقول

يبقى واصل للمشاعر كلها

من غير رسول

يبقى قصر من الحروف

أحلى من كل القصور

و إنتي ملكة

فوق عروش الكل عرشك

قلبي أرضك

روحي فرشك

تبقى عيني البوابات

و جفوني صور

همّا همّا المجرمين

في الشوارع مقتولين

تحت أشجار الزتون

ستميت أيلول حزين

و الدموع ملو الجفون

في الشوارع مفرودين

ع الجتت جرانين بريئة

تخفي موت العطشانين

للحقوق قبل الحقيقة

في الشوارع دم سال

م النسا و من العيال

و الدماء تكتب تاريخ

للنبي يحي الجريح

قتله كان عربون خيانه

بعده كان صَلب المسيح

هما هما المجرمين

الصهاينة الملعونين

فكرهم شر و خيانة

قلبهم مالهش دين

فتــّــش عن إسرائيل




اثنان لا سواكما، والأرض ملك لكما

لو سار كل منكما بخطوه الطويل

لما التقت خطاكما إلا خلال جيل

.فكيف ضاقت بكما فكنتما القاتل والقتيل؟

قابيل.. يا قابيل

لو لم يجئْ ذكركما في محكم التنزيل

لقلت: مستحيل

من زرع الفتنة ما بينكما

ولم تكن في الأرض إسرائيل
القصيدة للشاعر : أحمد مطر *
الرسم الكاريكاتيري للفنان : ناجي العلي *

مشروع الشبااااااااااااااب

و كأن الحكومة أبت أن تقدم للشعب أيا ً من عطاياها بضمير حي ، أو صدق أو حقيقة ، تلك العطايا التي هي حق أصيل للمواطن ، و الذي حولته سياسات الحكومة إلى منحة يتمناها البسطاء من هذا الشعب ، و كأن ليس لهؤلاء الحق في أن يحلموا أو يسكنوا أو يتزوجوا أو يكّونوا أسر و عائلات ، مثلهم مثل باقي خلق الله ، و كأنه عارٌ أن يحيا هذا الشعب حياة كريمة أو آدمية
لن أطيل ، بل سأجعل الصور تتكلم و تحكي قصة مشروعات إسكان الشباب التي طالما ملأت الحكومة بأخبار إنجازاتها آذاننا حتى الصمم ، و لتخبركم الصور مأساة شباب تحركوا بالأمل و كان خطأهم الوحيد أن وثقوا في كلام الحكومة
و لكن أسمحوا لي و معي بإهداء هذه الصور
إلى كل مقاول ، صغيراً كان أم كبير ، ظاهرا ً كان أم من الباطن ، نام ضميرة و ماتت إنسانيته و رضا على نفسة الرزق الحرام
و إلى كل الإدارات الهندسية في الوحدات المحلية و أجهزة المدن الجديدة التي تسلمت تلك المشروعات و غضت البصر و البصيرة عن مخالفات ستودي بحياة الآلاف من شباب هذا البلد
وإلى الصمت العاجز و القلب المستكين داخل نفوس كل منّا ، الذي جعلنا و عن جدارة نستحق كل ما نلاقيه ، نستحق أن نُسحق أكثر و أكثر حتى يوارينا الركام و التراب تحت أنقاض هذا الصرح الهائل من الغش و الأكاذيب ، فرحين بما نحن فيه من يأس و إستكانة
إليكم الصور ،، و دمتم




عدسة : هيثم الصغير

راشيل الجميلة ،، راشيل الشهيدة








راشيل كوري

هل تذكرون هذة الفتاة الأمريكية التي ناهضت تصرفات حكومتها الخسيسة و جاهدت لوقف التوغل الإستعماري الصهيوني و إغتصاب الأراضي الفلسطينية بالفعل و ليس بالكلام و الخطب و دموع الخزي و العار و وقفت بجسدها في وجه الجرافات الإسرائيلية لتلقى حدفها تحت عجلات تلك الجرافات البغيضة
إذا كنتم تذكرونها أو لا ،، تعرفونها أو لا ،،، فقط دعونا نتذكرها سوياً في ذكرى إستشهادها
معكم كلماتي في رثائها
و صور إستشهادها

زى ما أخترتى حياتك
أخترتى موتك
هما حاولوا يسكتوكى
ف قتلوا صوتك
بس صوتك عاش،، مامتش
أصل قلبك لسه بيننا
ماأفترقش
أصل عمرك أدى دوره
,, ما أتسرقش
صدرى شايل قلبك أنتى
راسى شايله عقلك أنتى
ظهرى كله جروح لكنه
ماأتقسمش



ولا عزاء للحكومات العربية

نصائح أبوية

أي بني ، أكتب إليك هذه الرسالة و قلبي يفيض بالخوف ، و أنا جائع و خاوي الجيب و الجوف ، حيث أنه قد أستبد بي أنا و أمك الفقر في هذا الزمان ، و ضاق بنا البيت و الحدود و المكان ، في هذا العهد الذي إختفت فيه الأرزاق ، و تعالت فيه الأبواق ، التي تـُهلل في كل إتجاه ، لأصحاب النفوز و الفلوس و الجاه ، فيا بني إستمع لما أقول ، و تحلـّى بخصال القانع الصبور ، تـَـَسلم من كل الشرور ، و تعيش راض ٍ و آمن و مسرور ، و ألخص لك نصائحي في خمس ، فلا ينسيك أياهم الدهر أو اليأس .
الأولى أن لا تصاحب الثائرين ، ولا تكون مع عامة الساخطين ، فالسُخط على الحاكم هَم ، و الوقوق في وجهه كرب و غـَم ، و أعلم أن سخطك لن يرفع عنك البلاء ، و لن يهز عرش الأمراء و الرؤساء ، فأفرغ إلى عملك و كفى ، تأمن شر الحبس و الضرب على القفا .
أما الثانية أن تجتهد كل أجتهاد ، أن لا تقف أبدا ً في وجة الظلم و الإستبداد ، لأنهم عليك من الأقدار ، و الأعتراض عليهم لغط ، يدخلك في زمرة الكفار ، و يجعلك تستحق الجَلد و الضرب و النار .
و الثالثة أن لا تـُعلن عن ما تحمله في نفسك على الحاكم من ديق ، و لا تـُسر به لأخ أو زوج أو صديق ، فالمقبل ستجده وقت الطامة مُدبــِـر ، و الجميع لا يمكن إلاّ أن يكون للمباحث مخبر .
و النصيحة الرابعة أن تصاحب المنافقين ، فهم سادة هذه الأيام و السنين ، فالقرب منهم ضرورة حتمية ، للوصول إلى موائد الحرامية ، و الإرتقاء في سلم الوطنية ، و الإنتماء إلى الأحزاب الجديدة الغنيـّة .
و الخامسة أن تكون أعمى و أصم و أبكم ، فإذا أهانك العسكر لا تتكلم ، و إذا تطاولوا عليك إياك أن تتألم ، فاللفظ قد يرديك قتيلا ً ، و الألم لا يزيدهم فيك
إ ّلا تنكيلا ً .
فيا بني ،، أعمل بما قرأت منـّي الآن ، تأمن شر الحاكم في كل زمان ، و أعلم أن الديمقراطية في وططنا العربي رزيلة ، لا يطلبها عاقل ، و لا يرجوها إ ّلا غافل ، فأبتعد عن ذكرها في حديثك ، و إجعل نفسك نعلا ً في قدم رئيسك ، تأمن من الأهوال ، و تنعم بصلاح الوضع و الأحوال .

تاااااج


الصديقة العزيزة
أميرة ويلز مررت لي التاج إللي بيمر على كل الناس اليومين دول
، باشكرها طبعًا و داخل أجاوب أهه

إيه اللي هيحصل لإيميلك لما تموت؟
أنا مافكرتش أبداً في الموضوع ده قبل كده بس أعتقد أنه حايفضل مفتوح لأنه مش بس إيميل شخصي ، لا ، ده كمان عليه رسائل شغل مهمة جدا
إديت الباسوورد لحد قبل كده؟ لو آه كانت ايه طبيعة علاقتك بيه ؟
أيوة ، زوجتي
اسمك؟
وليد جودة
اسم الدلع المشهور بيه وسط اصحابك؟
و الله أنا ماليش قوي في موضوع الدلع ده لكن ساعات أصحابي بيقولوا حاجات كتير زي
ليدا ،
دودو ،
واليدوووف ،
أبو جودة
عمرك؟
عمري 31 سنة و داخل على ال32
برجك؟
العذراء
مجال دراستك؟
بكالوريوس سياحة
شخصيتك نوعها إيه؟
نوعها توشيبا
إيه الأسئلة العبقرية دي؟!!!
السفر بالنسبة لك؟
الحقيقة أنا تجربتي مع السفر تجربة طويلة و قديمة لأني بأسافر من و أنا صغير جدا بس دايماً بيكون سفري بهدف الشغل ، و الشغل في الغربة بقى حدّث ولا حرج ، أنا زرت بلاد كتير ، السويد ، أكرانيا ، روسيا ، ألمانيا ، إيطاليا و أمريكا و في كل البلاد دي إشتغلت و طلعت عيني بس كمان أتعلمت من السفر كتير جدا جدا علشان كده بينطبق على السفر بالنسبة لي قول
أحبه مهما قاسيت منه و ماأستغناش أبدا عنه

المود بتاعك؟
لما بتحصل حاجة تفرح بأكون فرحان و لما تحصل حاجة تحزن بأكون زعلان ، مش بأقول لكم أسئلة عبقرية
وقت فراغك بتعمل فيه إيه؟
وقت فراغي الحقيقة إن وجـِد بيكون قليل جدًا و طبعًا بأخصصة لزوجتي لأنها أقرب صديق ليا في الدنيا و بتشاركني نفس الهوايات و الأهتمامات
الأكلة المفضلة؟
هي حاجة يمكن كتير يشوفوها غريبة ، أنا بأحب البسلة و هي لسه نيّه ، يعني بأفصصها و أكلها كده زي الفول الحراتي ، و الأغرب إني بعد الجواز لقيت مراتي عندها نفس الهواية العجيبة دي ، علشان كده مش عارفين نطبخ بسله أبدا في بيتنا لأننا بناكلها نيّه أول بأول
الصفات اللي أخدتها من بابا؟
والدي له الفضل في تشكيل عقلي كله تقريباً ، علمني إزاي أفكر و إزاي أحلل الأمور و إزاي أكون حكيم و أضبط أعصابي مهما كانت الظروف
الصفات اللي أخدتها من ماما؟
أمي أتعلمت منها الحنان و العطاء و الطيبة لأنها عندها الثلاث صفات دول بدون حدود
أكتر ست حاجات بتكرهها؟
التعصب
أنور السادات
الحر
الزحمة
الخيانة
الكمبيوتر لما بيهنّج

أكتر ست حاجات بتحبها؟
زوجتي
مصر
السفر
جمال عبد الناصر
آلة الكمان
الكتب

الشغل بالنسبة لك؟
شر لابد منه و خير لا غنى عنه
الإنترنت بالنسبة لك؟
أصبح ضرورة و هواية مهمة ، و بيشكّل حاليًا جزء مهم من حياتي
الخمس حاجات اللي محدش يعرفها عنك؟
هما عبارة عن خمس حاجات ، بس ماحدش يعرفهم خالص عني
إيه رأيك في الإجابة دي ؟؟


التاج ده بأمرره لثلاثة
روز
مع نفسي
أرابيسك

أول لـُقا بيننا

في معرض الكتاب العام الماضي كان أول لقاء بيننا ، كانت أول نظرة بين عيوننا ، ما كانش ممكن أبدأ إني أتصور و أنا رايح أقابل محسن و زينب و مريم علشان نروح معرض الكتاب و نقابلها بصحبة صديقتها العزيزة هناك ، إني حاأشوف هناك أجمل و أرق و أعظم إنسانة ممكن تكون عايشة على كوكبنا الأرضي ، ماكنتش ممكن أني أتصور أن المعجزة ممكن تحصل ، و مشاعري المتيبسة وقتها ممكن تتحرك ، و تشعر من تاني ، و تحب بجد ، و تطير بجد ، ما كنتش أبداً عارف إن الدنيا بتكتب في اليوم ده لي أولى كلمات أروع قصة حب ممكن حد يعيشها ، القصة دي كانت في عقلي مستحيلة ، بس هي ، و هي بس ، مجرد وجودها حول المستحيل ده لحقيقة في لمح البصر .
وقتها كنت إنسان عايش في تجربة ممكن تربك و تدمر حياة أي إنسان ، كنت وحيد و شعوري بالفشل محطم كل طموح جوايا ، كنت وقتها في إنتظار أوراق هجرتي لأبعد بلاد في الدنيا ، علشان أسيب العالم ، كانت الهجرة هروب من شيء أنا مش قادر أحدده ، كنت وقتها بأشتغل كل يوم ، و طول اليوم ، الصبح بأشتغل و الظهر و بالليل ، مافيش نوم ، مافيش أكل ، مافيش أي مظهر من مظاهر السعادة أو حتى الحياة .
و هناك قابلتها ، و كانت كلماتنا قليلة لكن الإحساس كان أقوى من أي كلام ، بعدها مرّينا أنا و هي بأصعب فترة في علاقتنا ، و هي مواجهة حبنا ده لظروفنا الصعبة العائلية و الشخصية ، لكن لأن الحب بيننا حقيقي ، و التفاهم بيننا كامل ، و إحنا الأثنين عارفين من داخلنا بجد أن أي حد فينا مش ممكن يعرف يعيش من غير الآخر ، و طبعاً قبل ده كله إرادة ربنا .
أتجوزنا
و كل شيء كان مقلوب في الدنيا أتعدل ، الدنيا نوّرت ، و العمر بقى له لازمة ، و القلب بقى بيحس و يطير و يفرح ، العين رجعت تضحك ، و الوش رجع منوّر ، و الهروب بقى مالوش داعي أو سبب ، موافقة الهجرة أترمت في الدرج ، ولازالت مرميّة في تابوتها الإختياري إللي أسمة درج مكتبي .
حبيبتي الجميلة ، كل معرض كتاب و أنتي طيبة ، وزي ما رحنا أنا و أنتي السنه دي للمعرض و إحنا بنفتكر كل لحظة من علاقتنا ، نفضل إن شاء الله نروح المعرض مع بعض كل سنه ، وحتى آخر العمر ،
بحبك ،
بحبك يا أغلى الناس

لحظة خوف

صغيرة هي كانت في هذا المساء البارد ، مثلما كانت صغيرة دائمًا طوال سنوات عمرها التسع ، هاربة داخل معطفها الصوفي الحاني ، كان هو الشيء الوحيد الدافيء في تلك الليلة ، سياط البرد تلهب وجنتيها و طرف أنفها ، تدمع عيونها من شدة البرودة ، تلمع في ضوء البرق المتتالي ، وترتجف يداها و كيانها من صوت الرعد ، هاهو رزاز المطر الخفيف بدأ في التطاير منبئًا بقدوم سيل آخر من سيول الشتاء السماوية ، الليل و المطر ، الظلمة و البرد ، أسفلت الشارع القاسي ، أصوات الشباب العابث من حولها على النواصي و في المنحنيات المظلمة ، الخوف كل الخوف تملكها ، لازالت بعيدة عن منزلها بمئات الخطوات ، هل ستصل إلى بيتها بسلام ؟ تساءلت ألف مرة ، تساءت ألف ألف مرة ، بلا إجابة سوى الدمع الحبيس و الخوف و الرجفة المقيتة
هدى ، هدى ، سمعتها فارتجفت أكثر ، تعاظم إحساسها بالخوف ، تناثر في وجهها كل فزع البشر ، اهترأ بداخلها كل ما تبقى من جرأة أو شجاعة ، هو اسمها ، نعم هو اسمها ، تمنت لو كان لها اسم آخر ، تمنت لو لم يكن لها اسم أبدًا حتى لا تضطر أن تجيب ، ترى من هو هذا الصوت الأجش الذي يعرفها و يعرف اسمها و يناديها ، ترى ماذا يريد ؟ ماذا ينوي ؟ أتراه يريد بها خيرًا ؟ أم تراه وجدها فريسة سهلة في هذه الساعة من الليل و هذا الجو العاصف الماطر البغيض ؟ هو يعرفها ، بالتأكيد ، فها هو يعيد عليها اسمها ، كائن ضخم الجثة حذاؤه مبتل و ثنية بنطاله مبتلة أيضًا ، معطفه ثقيل و خشن ، يصل فوق أكتافه إلى عنان السماء ، ينير البرق من طرفة و كأنه يأتمر بأمره ، لم تستطع أن تميز وجهه في هذا الظلام ، لم ترَ من جسده سوى كف يده ، عروقه ترتسم تحت الجلد راسمة منحنيات و تقاطعات متشابكة ، بارزة هي و كأنها هضاب و تلال ، لا ، لا بل هي جبال ، تنسحب مع أصابع الكف إلى أن تصل إلى هذة الأظافر المليئة بالاصفرار المائل إلى السواد الحالك عند الأطراف ، بشعة هي بحق هذه اليد ، وهذه الأصابع و هذه الأظافر ، التي امتدت إليها لتقترب من وجنتيها أكثر فأكثر ، تملكها الفزع لدرجة بخلت بالكلام عن لسانها ، بخلت حتى بالصراخ ، لم تستطع أن تتنفس ، توقفت و توقف العالم حولها لبرهة ، دامت في عقلها قرون و قرون ، حاولت أن تستجمع شتات شجاعتها المفقودة ، حاولت أن تنتصر لجرأتها و لو للمرة الأخيرة ، ظنت أنها هالكة لا محالة ، بل تيقنت من ذلك ، فها هي بين يدي هذا الرجل القويتين ، ترتفع رويدًا رويدًا عن الأرض في رحلة هي تعلم جيدًا أن نهايتها أمام وجهه و عينيه ، لابد أنهما حمراواتان ، أو يخرج منهما نار و دخان ، لابد أن وجهه قبيح و مخيف ، بل سيكون مفزعًا ، تصورت ملايين الأشكال المفزعة لأبطال أفلام و حكايات و أساطير ، تخيلت ألوانا و ألوانا من العذابات ، حاولت جاهدة أن تغلق عينيها المفتوحتين عن آخرهما فلم تستطع ، بل قل إنها لم تقوِ ، ها هي الآن أمام وجهه ، وجهه ال ،، ال ،، ال !!!
متشبثة بالكف الضخم ، سائرة بجواره في سعادة سائلة إيّاه
بابا هي إيدك ليه فيها ألوان أسود كده
يجيبها في حب و بسمته تعلو شفتيه : " كل مصورين الفوتوغرافيا كده يا هدى ، علشان الأحماض ".
تبتسم هي مداعبة وجنتيها بأطراف أصابعه التي تتشبث هي بها و على شفتيها هذا التعبير الساخر
الساخر جدًا من الذات ،،

قاوم وقوم

قاوم و قوم
أفتح النور ع الغيوم
قاوم و قوم
أنفض تراب كل الهموم
قاوم وقوم
ماتكونش ساكت أو كتوم
قاوم وقوم
وقوم وقاوم كل يوم
فكّر وشوف
اللعبة و الخطة الحويطة
شدوا السيوف
فاكرنا إيه إبن العبيطة
كفيانا خوف
ل خوفنا ده يبان ع الخريطة
و في دمنا الأحزان تعوم
قاوم وقوم

فزورة التل


حزر فزر أنت و هي

فكروا كده و قولولنا الحل

فزورة عن واحد راجل

زوّد فيها و خلاها خل

لاطع صورته في كل نصيبة

و كل ميدان و كل محل

ناقص يطلع لنا في الحلم

او في الضلمة عشان نتشل

راسم لنا حتة مستقبل

لو تعرفه عقلك يختل

هاري بدنّــا خطط و مصايب

ما عملهاش حتى المحتل

هاري جيوبنا رسوم و ضرايب

علشان نخضع أو نتذل

حتى الأطفال الغلبانة

في أمتحاناتهم أسمة أهو طل

حاجة تخللي البطن تكركب

و الواحد بقى منه إتعل

تقدروا تعرفوا مين يا حبايب

بعد خرابها قعد ع التل ؟

رباعيات زوجية

الحب بين القلوب رباط متين خالص
يجمع مابين أتنين حبين بعضهم خالص
بس الجواز يجمعهم و وسعادته تربطهم
و كأن عمرهم ما كانوا مربوطين خالص
و عـجـبـي
* * * * * *
قبل الجواز الحب بيكون كلام في كلام
وساعات بيبقى حقيقة وساعات كتير أوهام
لكن بعد الجواز الحب بيكون واقع
مابين أتنين في بيت واحد ، زوج و مدام
و عجبي
* * * * * *
لو قلت أحب حايكون الغرام غيّة
و إن قلت أعشق حا أتعلم الملاغية
و إن قلت النصيب الحلو مقسوم و مترتب
إيه أغلى منك يا عمري في الدنيا دي هدية
و عجبي
* * * * * *