Pages

عـــيـــد الطـــاعـــة


أرأيتَ شيخًا جليلاً طائعًا لسماه

مؤمنًا بخبرِ اللهِ مُصَدِّقًا رؤياه

وابنه قالَ افعل ، مستسلمًا برضاه

قابلاً للذبحِ طاعةً من روحهِ لله

موحدًا بالله فردًا مُستقبلاً لضياه

مستبشرًا بالجنةِ زاهدًا دنياه

هو إسماعيل سيدي و الخليل أباه

لحظة الذبح استكان مستلهمًا تقواه

فاستبدل الرحمن أمره و برحمةٍ أفداه

علّمتينا كتير على فكرة


علمتينا نخاف يا معاهدة

حتى من الفكرة

علمتينا نخاف من بُكره

علمتينا نكون غِربان

عايشين ع الزكرى

علمتينا نكون غِلمان

علمتينا نكون باردين

مانحسش أبداً غليان

علمتينا نعيش العمر على الحرمان

علمتينا نهون أو نكره

علمتينا الذل كمان

شربتينا عذاب الذل أشكال و ألوان

علمتينا نشد حزامنا على الأبدان

ونشرب من ميّّتنا العِكره

علمتينا كتير على فكرة

بس علامك كان خيبان

أصل علامك عمره ما علّمنا الإحسان

ولا يوم علّم حد مابيننا يكون إنسان

علشان كده مافيناش فنان

ولافاهمين حتى الأديان

ولا قسيس علمنا إيمان

ولا شيخ فهّمنا إللي بيجرا

علمتينا كتير على فكرة

بس علامك كان خيبان

شعب بياكل شعب جعان

أصبحنا في بحر النسيان

أصبحنا من العالم نَكِرة

أشجع واحد فينا جبان

علمتينا الخوف يا معاهدة

علمتينا كتير على فكرة

القلب ذهب .. و الفعل خسيس

في بلدنا يا ناس

الناس بتغيظ

جوّاها ملاك

و كمان إبليس

وساعات بنكون

كلنا تلاميذ

وساعات ماعاناش

حتى الكراريس

وساعات أغنيا

فشر الأوناسيس

وساعات ضاربين

كلنا تفاليس

وساعات قافلين

جيبنا بدبابيس

وساعات فاتحين

ع البحري الكيس

وساعات ماشيين

وساعات واقفين

وساعات راكبين

علبة سردين

و بنكذب

ونسميها أتوبيس

وساعات راكبين

عتبه ورمسيس

وساعات عربية

موديل حديث

في بلدنا الشيخ

جنب القسيس

و أذان و جرس

وصلاة و قداديس

ومحمد ساكن

جنب موريس

و البت سنية

مصاحبة إيزيس

وعيال على سيرة

العيد بتهييص

و عيال شغّالة

على البلاديس

وبيوت من طين

و بيوت واقعين

وبيوت ولا تلقى

أختها في باريس

عندنا ستات

لابسين متاريس

جنبها ستات

ماشيين بلابيص

وبنات حاتموت

على ظفر عريس

وبنات غاويين

شغل الكواليس

في بلدنا كمان

وزارات و بوليس

ووسايط تنفع

في التكويس

وقروض و فساد

و ذقون و جهاد

أناجيل و مصاحف

للتسييس

في بلدنا يا ناس

الناس بتغيظ

القلب ذهب

و الفعل خسيس

عمر الحب


فات كام عام ؟!

مش بحساب أيامنا بنحسب

عمر العشق من الأعوام

علشان لحظة حب بتحي

همس قلوبنا من الأنغام

و بتعزف ع الصمت غناوي

تملا حياة الصمت كلام

وتخلينا نشوف الدنيا

حلوة حقيقي مش أوهام

و تكحّل أحلام في عنينا

ونعيش فيها بدون ما ننام

لحظة حب مابيننا يا عمري

تجري بأمانينا لقدّام

وتخلينا ندوب في قلوبنا

و تدفينا بشمس غرام

إحسبي عمري و عمرك عشق

شوفي حايطلع عمرنا كام

هبة من الله


عندما يهب الله سبحانة وتعالى البشر السعادة ، فإنه يمنحها لهم دون أن يكون أياً من هؤلاء البشر مستحقاً لها

ولذلك هي تظل رهن إرادة الله و دليل على جودة وكرمة على البشر في كل زمان و مكان

وعندما وهبني الله هبة منه ليسعدني طوال عمري

بالتأكيد لم أكن إستثنائا من هذة القاعدة ، وبالتأكيد كانت هبته لي أكثر مما أستحق بكثير

بكثير جدا جدا

أن تكون للإنسان زوجة أفضل مما تمنى و حلم ، وأن تعرف دون مجهوداً منه كيف تأثره

أن تعرف كيف تكون لفتاتها تماما كما يريد، وكلماتها تماما كما يريد

أن تعلم هي ما سيحبه أو يكرهه قبل أن يجربه هو نفسه

أن تضع عمرها و حياتها في يده برفق و عن طيب خاطر

بالتأكيد لهو أمراً رائع

لكن الأروع ، أن تكون هذة الزوجة هي بوبو

حيث يصبح كل مافات من مميزات هو مجرد بداية وواجهة لما هو أجمل و أروع

بحق ، لا أعلم كيف تجمع كل هذا الإبداع في إنسانة واحدة

ولا أعلم لماذا إختارني الله سبحانة و تعالى لأفوز بهذة الجائزة في الدنيا

و أكون الوحيد التي أحبته ، وتزوجته ، و أصبحت أماً لأولاده

ولا أعلم كيف أنها لا تدرك هذه الروعة في نفسها ، بل و تندهش من إعجابي بها و بما تفعل أو تقول

نعم .. فصاحبة أجمل عيون في الدنيا لم تكن تدرك أن عينيها خلابة

وبعد أن قرأت على مدار عمرها مئات الكتب لم تكن تعتبر نفسها من المثقفين

وصاحبة الآراء السياسية الجريئة و النضج السياسي الواعي كانت ولازالت تعتبر نفسها " مالهاش في السياسة "

بل و أكبر طاقة تسامح عرفتها في الدنيا ، تعتبر أن التسامح مع الناس أمر بديهي و عادي

فهي تعتقد بمنتهى البساطة

أن العطاء واجب

والإحترام فرض

والمحبة أساس

وهي لا تطمع إلا في ما تملك ، ولا تنظر إلا حيث يمكن أن تصل يدها

تغار على حبها ، دون أن تسمح للغيرة أن تنسيها حرية من تحب

هي نبع السعادة ، تمنحني إياها في كل وقت

بلا مقابل

وبلا حدود

فيا زوجتي الحبيبة

كل عام وأنتي حبيبتي

طواحين الهوا

يتكرر هذا المشهد أمامي في كل مكان تقريباً في القاهرة ، وأحيانا كثيرة في الأقاليم أيضا ، مسجد و كنيسة ، داري عبادة عنصري الأمة ، متجاورين ، بل متلاصقين أحياناً ، يستقبلون المسلمين و المسيحيين في كل وقت ، ليلقي بداخلهما الناس بمتاعبهم و ذنوبهم التي أثقلت كاهلهم ، راجين رحمة الله تعالى ، إله الجميع وخالق الجميع .

عندما كنت في وسط نهر النيل ، في مدينة المنصورة ، وسط حشد من المدونين ، فوق سطح مركب يشق مياة النهر الخالد ، رأيت نفس المشهد متكرراً ، مسجد و كنيسة متجاورين ، وجدتني أسأل نفسي سؤالاً هاما جدا ً ، هل هذا المشهد هو تعبير عن الوحدة الوطنية ، وإلتقاء عنصري الأمة ووحدة الصف ، أم أنه تعبير عن صراع تحت السطح بين البشر الذين اتفقت مواطنهم واختلف إيمانهم العقائدي ؟ رجفت من وقع السؤال داخل نفسي ، ماذا لو لم تكن هذة الصورة ، بريئة كما تبدو ؟ ماذا لو كان تواجد الاثنين بجوار بعضهما ، هو تعبير عن التنمر و الترقب و المواجهة ؟وليس عن الإيخاء و التقارب و التفاهم .

عَبرت كل المشاهد برأسي مره واحدة ، مظاهرات في العباسية و جامعة الأزهر ، مصادمات في الأسكندرية و الصعيد ، شاشات تليفزيون عليها صور لشيوخ وقساوسة ، جدران محلات عليها أيقونات و آيات قرآنية ، أيادٍ تحمل المسابح و أخرى دق عليها علامة الصليب ، سائق سيارة نقل كتب عليها من الخلف ، أم هاشم ، و آخر كتب على سيارته أم النور ، أخبار في الصحف الصفراء عن شخص مسلم تنصر ، وآخر تطارده الكنيسة بعد أن أسلم .

الجميع يحاربون طواحين الهواء ، ويندمجون في معركة وهمية ، للوصول إلى لا شيء ، بعد أن فقدوا الحلم الذي يسعون متكاتفين لتحقيقه ، والهوية الوطنية التي تضمهم جميعا تحت مظلة واحدة ، بدأ كل فرد يبحث عن هويته بنفسه ، وماذا أشرف من أن تكون هذة الهوية دينية ؟ فالإنسان عندما يشعر أنه يقاتل في سبيل هوية دينية ، فهو يشعر من داخله أنه يحارب في صف الله ، و كأنها حرب مقدسة ، و كأنه أحد جنود الخالق العظيم

ولكن لا يا حضرات الأفاضل ، فهي حرب مدنسة ، الجميع فيها خاسرون ، المسلمون و المسيحيون ، و المنتصر فيها الوحيد ، هو من يريد لهذه الأمة أن تقاتل نفسها بنفسها ، لتسحق ذاتها و كرامتها بيدها ، إن معركتنا الحقيقية و المقدسة في رأيي ليست مع إخواننا من المؤمنين بالدين الآخر ، ولا يجب أن تكون بين من يحملون المصاحف ومن يحملون الأناجيل ، لأن لحظة الهزيمة لطرف ، لن تعني أبدا إنتصاراً للطرف الآخر ، فالطرفين في تلك الحرب مهزومين ، و المنتصر الوحيد ، هي قوى السيطرة الخارجية ، التي تريد أن تدوس رقابنا ونحن ساجدين ، سواء كان هذا في صلاة الجمعة أو قداس الأحد ، والتي إذا تحقق لها ماتريد على أرض مصر ، فلن نسمع بعدها أجراساً أو أذان .


المنصورة و النيل و الوجه الحسن

على ضفاف الخير ، النيل العظيم ، وفي عمل الخير ، إلتقينا جميعا ، حباً و طمعاً في أن يتقبل المولى سبحانه وتعالى عطاء من أعطى منا ، قطرات من دمائة ، لتسري في شريان شخصاً آخر ، لا يعرفه ولكنها توهب له الحياة ، بإذن الله

إحتضنتنا مدينة المنصورة الجميلة ، وغمرنا أهلها بالود والتفاني في كرم الضيافة ، ليعبروا لنا عن سعادتهم بمجيئنا إليهم ، وتقديرهم لمتكبدنا من عناء السفر ، لنكون معهم في هذا اليوم ، صدق و رقه و عذوبة في هذة المدينة لم أرها في اياً من مدن العالم ، توأمتين هما في الحقيقة ، مدينة المنصورة ، ومدينة طلخا ، يفصلهما نهر النيل ، وتجمعهما جسور فرنسية الصنع ، رائعة الطابع ، تذكرني بكوبري إمبابة وبرج إيفل ، شرايين من حديد ، تكاد ثناياه أن تنطق لتحكي لنا تاريخ من الحرب و الحب ، تشتهر به ربوع مدينة المنصورة .

في مستشفى الاطفال كان لقائنا في البداية ، الجميع يرشدنا إلى حيث يجب أن نكون ، الجميع يتابع و يبارك ويساعد ، ويشكر ، ثم إلى مطعم الوجبات السريعة ، المفترض أنه غربي الطابع ، والذي تحول بفضل العاملات فيه إلى مطعم مصري أصيل ، كم كنت فخوراً جداً بجدية العاملات في هذا المكان ، مع مفاجأة وجودنا ، وعددنا الهائل ، لم نشعر أبداً بأي تأخير أو تهاون أو تكاسل ، فتيات و سيدات مصريات ، يعملن لكسب الرزق الحلال ، دون كلل ، مثال واضح على أن المرأة يمكنها أن تخرج من باب الدار ، دون أن تجلب الهم و العار ، صفعة على وجه كل شارب متغطرس .

ذهبنا بعد ذلك إلى نادي نقابة الأطباء ، مبنى بسيط لكنه جميل ، في وسط الماء تقريباً ، فهو ملاصق جداً للنهر الخالد ، وهنا أود أن أشكر إدارة هذا النادي ، لأنهم بإمكانيات شديدة البساطة ، منحونا السعادة ، ومنحوا تجمعنا هذا رونقاً و معنى ، أثقلوا كاهلهم لترتيب قاعة الإحتفالات في النادي ، في وقت قياسي ، وبكل ترحاب دُعينا للجلوس ، سألتني زوجتي في هذة اللحظة ، "هما الناس هنا ودودين قوي كده ليه " ، لم أعرف لهذا السؤال إجابة سوى النظر في وجهها و الإبتسام ، ووجدتني أسأل نفسي ، هل هؤلاء الناس هم المصريين كما نسمع و نقرأ عنهم في كتب السير و التاريخ ؟ هل هذا هو المصري الأصيل ، ووجدتني أدعو وأنا أصلي العصر في مسجد النادي أن يبارك هذة المدينة و يحفظ أهلها من الكراهية و الفتن و الفساد ، وعندما عدت من صلاتي وجدت الجميع يتأهب لبلوغ قمة المتعة في هذة الرحلة الجميلة ، مركب بسيط بدائي ، شق بنا طريقا بين الضفتين ، في أحضان مياة النيل ، كنا جميعا ، نستنشق نسيم المنصورة ، نظرت إلى ضفاف النيل ، وتسآلت ، كيف كان يمكن أن يكون لتلك المدينة أسماً آخر غير المنصورة ، فلقد نصرها الله في التاريخ ، نصرها الله بجمالها ، وطيبه شعبها ، نصرها الله بتوحدها ، و تجمع شملها ، نصرها الله ربما ، لتظل تعبّر عن مصر الأصيله جدا ً ، التي طالما قرأنا عنها ولم نراها رأي العين .

لم تكن المدينة و النيل هما روائع الرحلة وحدهما ، فالأروع كانت الصحبة ، شباب و فتيات ، ورجال و نساء ، تجمعوا معاً دون أن يكون لأحدهم غرض أو غاية ، فقط يريدون أن يشعروا بالمسؤولية تجاه إخوان لهم في الإنسانية و الوطن ، عقول تحمل من الفكر و الموهبه ما يمكن أن يدفع هذا البلد إلى عنان السماء ، فقط لو إستطاعت حكوماتنا المتعاقبة أن تتخلى يوماً عن لعبة التجاهل التي تمارسها بإقتدار و إتقان منذ آلاف السنين ، لتعرف أن تحت أسقف تلك المنازل البسيطة في القاهرة و الصعيد و الدلتا ، تكمن قوة مصر ، وعظمتها ، ولتعلم أن شرايين بلدنا ، تمتد مارة عبر ثنايا التاريخ ، من الفلاح الفصيح ، وحتى أطفال المصريين ، في القرن الحادي و العشرون ، و أنا أرى هؤلاء الأطفال فوق الجسر الحديدي ونحن في رحلة العودة ، يحاولون أن يغمرونا بالماء ، ويضحكون من خوفنا ، تمنيت أن يتعلم هؤلاء الأطفال كم هي عظيمة بلدهم ، وكم هو عظيم هذا الشعب .

شكراً لكل مدوني المنصورة ، شكراً على كل لحظات السعادة التي منحتونا إياها ، والتي كنّا جميعا في حاجة إليها ، شكراً لمصريين ، مازالوا مصريين حتى الآن .