Pages

ليال

كانت كالعادة تضحك حانية على إحدى تلميذاتها في المدرسة ، ليال ، هذه التلميذة النجيبة التي تراها فتشع في روحها بهجة و ود ، كانت دائما تنظر إلى هذه التلميذة و تشعر بالفخر أنها تلميذتها هي ، في فصلها هي ، كما أن مشاعر ليال تجاهها كانت تشعرها بقيمة عملها كمعلمة ، مربية أجيال كما كانت تفضل دائما أن تقول . كانت تنظر إلى ليال و تسرح ، وتتمنى أن تكون لها ابنة في أخلاق ليال و جمال ليال و تفوق ليال ، و عند هذه الفكرة دائما كانت تدمع عيناها ، فهي تعلم أنها أمنية لن تكون ، و فرحة لن تحدث ؛ فهي لن تتزوج أبدا .. هكذا قررت منذ زمن ، وهكذا عاشت و رتبت حياتها . كانت تقول لنفسها دائما " ابناء إخوتي هم أبنائي ، و وحدتي هي درعي الحامي "، فتجارب الزواج حولها غير مبشرة ، ولا مشجعة على المجازفة بخطوة في هذا الاتجاه ، أبدا .

كانت تخرج من بيتها في الصباح الباكر وحيدة ، تشعر بالبرودة تسري في أوصالها ، ذاهبة إلى مدرستها التي تعمل بها ، لتعيش مشاكل زميلاتها و ضحكات زملائها ، و براءة تلميذاتها و تلاميذها ، و مع جرس انتهاء اليوم الدراسي ، تعود إلى وحدتها ، متجولة في المدينة الكبيرة ، و كأنها ترجو من المدينة أن تبتلع وحدتها .. رعشتها .. ولكن المدينة لا تستجيب ، و يتجدد الأمل مع كل يوم , تظل تحاول حتى تتعب ، فتقفل عائدة إلى بيتها ، الذي لم تشعر هي أبدا أنه بيتها ، و الذي لم تتعامل يوما معه على أنه كذلك .. تحاول أن تملأ وقتها بأحداث حياة أختها الكبرى ، و مشاكل العمل الخاصة بأختها الأخرى ، تحاول أن تذوب في تفاصيل حياة الآخرين ، دون جدوى ، فالوحدة ليست حدثا يمكننا أن ننساه ، بل حياة نعيشها .. و العجيب أنها هي من اختارت هذه الوحدة ، و أحبتها ، بل و صادقتها أعواما و أعواما . و ينتهي اليوم لتنام ، و تصحو وحيدة ، لتخرج من بيتها ترتعد من البرد ، وهي تفكر في ليال ، تلميذتها الجميلة ، فتتمناها ابنة ، و تهرب دموع عينيها من بين أجفانها مذكرة اياها بالدفء المفقود ، لتعلمها أن لاختيار الوحدة ثمن لابد لها أن تدفعه ، و تعرّفها أن هدوء الوحدة موت ، و أن صرير أسنان الوحيد بكاء و أنين .. تمر أحداث اليوم متشابهة مع أحداث أمس ، و أول أمس ، و تجلس هي مغمضة العينين في انتظار جرس انتهاء اليوم الدراسي ، لتبدأ هروبها إلى عالمها الوحيد من جديد .

ترررررررررررن .. ها هو صوت الجرس ، يصرخ معلنا بداية فصل جديد من محاولة الذوبان بين التفاصيل و الاستمتاع بألم الوحدة الخانق .. و لكن ما هذا ، فرنين الجرس لا يريد أن يخفت ، او يتوقف ، فجأة تشعر بكف حنون توضع على خدها برفق بالغ .. تفتح عينيها ..

" صباح الخير "

تنظر إلى وجهه بكل ارتياح و تعلق ( صباح النور )

قومي بقى علشان أنا نازل رايح الشغل ..

تبتسم و هي تتمطى بدلال ( عارف ، كنت بأحلم حلم ، فكرني بأيام ما كنت لسه عبيطة و عايشة وحيدة في الدنيا دي ) ..

- خلاص مابقتيش وحيدة ولا عمرك حاتبقي وحيدة تاني ..

تضحك و تتعلق برقبته ، و تطبع قبلة طفولية على وجهة قائلة :

"لو كان الجنين إللي في بطني بنت نسميها ليال ".

إلى زوجتي


إلى من علمتني أن السعادة حقيقة

و أن البهجة حقيقة

و أن العشق حقيقة

إلى المرأة التي أعطت بلا مقابل و بلا حدود

إلى زوجتي في عيد زواجنا

كل عام و أنتِ حبيبتي

كل عام و أنتِ زوجتي


بلدنا بقى شكلها نيلة


بلدنا بقى شكلها نيلة
كانت زمان حلوة جميلة
تروح في أي مكان حاتشوف
الخيبة و النايبة تقيلة

بلدنا كانت نور للكون
و تلقى فيها علوم و فنون
دلوقتي مافيهاش علم خلاص
و الفن واحد في المليون

بلدنا ماكانتش غنية
كانت فلوسها مكفيّة
دلوقتي فيها فلوس ياما
لكن في إيد الحرامية

بلدنا مليانة قواضي
و الحق فيها كلام فاضي
العدل فيها ياخد له سنين
أصل القانون بقى م الماضي

بلدنا كانت مرتاحة
فيها الأثار و فيها سياحة
جابولنا حاجة إسمها إرهاب
من يومها ماشافيتش الراحة

كانت زمان أم الدنيا
و بتعدل المايلة في ثانية
دلوقتي هي خلاص مالت
و الكل في الناحية التانية

طاب بص حتى لنهر النيل
كان كله خير و شجر و نخيل
دلوقتي لو حاتشوف حاله
راح تبكي و تغرق مناديل

شباب بلدنا عواطلية
و مفرومين مية المية
و كل قهوة عليها ألوف
متخرجين م الكلية

أما البنات بقى حالهم حال
مع أنهم أخلاق و جمال
الواحدة منهم صابرة سنين
من غير جواز ولا بيت و عيال

نقول كمان و نعيد و نرص
الفقر بيننا معدّّى النص
ولا حد في الوزرا بيسمع
و لا حد من حكومتنا يبص

قالولي تبقى ديمقراطي
و تساوي بين عالي وواطي
و لا فرق بقى بين غني و فقير
ما بقينا كلنا بنطاطي

عشان رغيف العيش بنموت
عملنا من أحزاننا بيوت
خلاص بقينا ( نكُح ) تراب
قربنا نلبس ورق التوت

يا رب قادر تحميها
و تصون ترابها و أراضيها
ماتاخدنا رجالة و ستات
خللي الحكومة تشبع بيها

إغزلي توب المحبة


إغزلي توب المحبّة
و إزرعي الفرحة ف عيوني
علمي كل الأحبّة
من جنونك او جنوني
نامي جوه في حضن حضني
خللي إحساسك ياخدني
أوعي نظرة عين تفوتني
أو تنام عيني و جفوني

إبقي دايما جنب قلبي
و أمسكي روحي بكفوفك
إبتسامتك و إنتي جنبي
لسه مليانه بكسوفك
إلمسي إيدي بإيديكي
أحضني عيني بعنيكي
العيون دايما عليكي
يحسدوكي و يحسدوني

إنتي كل جميل و طاهر
إنتي أيقونة سلام
إنتي نور بالحب باهر
يشفي من كل الآلام
إنتي قلب حقيقي صافي
إنتي كف حنون و دافي
إرمي حملك فوق كتافي
ماتخافيش لو فين تكوني