Pages

شبح إبتسامة


كانت تداعب سلسلة المفاتيح الطويلة بيدها في ملل واضح ، عيناها تنظر إلى الطريق وهو يطوى تحت عجلات السيارة الفارهة التي إشتراها زوجها منذ بضعة أيام ، سيارة كبيرة من نوع الجيب التي تكرهه ، لكن زوجها يهوى هذا النوع و كان يتطلع إليه دائماً ، وها هو الآن يمتلك واحدة من تلك السيارات التي طالما كان يحلم بها ، هي لاتعرف مايستهويه في هذا النوع الفاره المخيف ، سيارة لا يمكن أن تشعرك بالحميمية أو الألفه ، كما أن بها الكثير من النزعات العنصرية و التعالي ، فقط جهاز التكييف بها جيد ، هو الشيء الوحيد المحبب لها في هذة السيارة ، إنحنت برأسها للخلف ، لتلامس مخدع كرسي السيارة الوثير ، غاصت برقبتها في بطانته المريحة ، المريحة بدنياً ، إرتكزت برأسها المائل لتسطدم نظرتها بالزجاج المغلق معتم اللون ، كم كرهت هذا اللون المعتم ، صحيح أنه يمنع من في الخارج أن يرى من في داخل السيارة ، لكنه يشعر من بالداخل أنه في سجن حقيقي ، يأسره داخل حدود السيارة الديقة مهما رحبت ، ويحيله إلى جزء من غيام كئيب .

هاقد وصلنا ، قالها زوجها بإرتياح وسعادة ، مدخل الفندق الضخم ، التي نزلت فيه هي وزوجها عشرات المرات ، هو ذاته الفندق الذي شهد ايام شهر العسل ، وهو ذاته الفندق الذي ذبحت فيه عذريتها بطريقة لم تنساها أبداً يوما ما ، إقتنص يومها حقه إقتناصاً ، ونام ، لم يتألم لبكائها ، أو إنكسار مشاعرها تحت وطأت هجمته الشرسة ، فقط تألم عندما إستضم معصمه بطرف المنضدة ، هذا ما كان يؤلمه في تلك الليلة ، مر على تلك الواقعة عشر سنوات ، أثمرت عن عمر من التعاسة و طفلين وسيارة جيب ، ورحلة تمقتها إلى مكان تمقته ، طالما كان لديها الدافع و الإستعداد لتغفر و تصفح و تسامح وتنسى وتعيد عقارب الزمن للوراء عشر سنوات ، فقط إذا قال لها كلمة رقيقة ، أو أهداها وردة ،أو إعتذر لها يوما عن ذنب تافه يكون قد أقترفه في حقها ، لكنه لم يفعل . . أبداً لم يفعل .

إستدارت تلملم باقي أغراضها قبل أن تغادر الغرفة ، عوامات الأولاد ، كريم الشمس ، كارنيهات المناشف لتستبدلهم على الشاطيء ، رواية لإحسان عبد القدوس تقرأها للمرة السابعة عشر ، الجرائد لرب الأسرة ، وضعت كل الأشياء في شنطة صغيرة من نوع "الهاندباج " و مشت ورائه و أبنائها كالتعجة في القطيع ، هي طبعاً آخر القطيع ، كم تمنت أن يحمل عنها تلك الشنطة ، أو حتى يعرض عليها حملها ، لم يفعل بالطبع ، نزلت الدرج المؤدي إلى باب الخروج للشاطيء ، فتح الباب ليعبر هو أولا ً ، ثم الأبن الأصغر ، فالأكبر ، ترك الباب ليغلق من تلقاء نفسه ، سندت الباب بظهر معصمها التي تحمل به الشنطة ، و أكملت بذراعها الضعيفة فتحه وهي تلملم طرف ثوبها كي تمنع الرمال أن تعلق به ، رأت البحر ، كانت لم تراه حتى تلك اللحظة ، تمنت أن ترتمي في أحضان البحر متدثرةً بضوء الشمس ، فاردةً ذراعيها عن آخرهم لتحتضن الكون .

إنتهت السهرة ليلا ، عائدة هي إلى الغرفة خلفه ، يفتح باب الغرفة تاركه لها لتغلقه ، يخلع ملابسه ويجذبها ، وكما جرت العادة بينهم طوال عشرة سنوات ، يقتحمها دون إذن أو هوادة ، لتشم هي رائحة عرقة الممتزج بالعطر الرجالي الثقيل ، تألمها ذقنه المنبته الخشنة ، يدايقها هذا السوار الفضي الذي يلتف حول معصمه ، تزعجها زفراته و أنفاسه ، ثم ينتهي كل شيء ، دون أن تشعر هي باي حميمية أو سعادة ، فقط هو سعيد ، يبتسم ويتنهد ، ويتجشأ و يرقد على ظهرة ، يطلب منها أن تغلق الضوء ، الذي يصر هو أن يكون مضائاً ليفقدها أي شعور برومانسية تلك اللحظات ، تطفيء نور الأباجورة ، تتقوس على ذاتها في وضع جنيني، و تبكي، أو على وجه الدقة تنتحب ، فيمتزج صوت نحيبها مع صوت"شخيره"العالي لتستيقظ صباحاً فتجده مازال نائماً ، تنظر إلى جسده الضخم الراقد في ثبات ، تحاول إيقاظة ، تناديه بإسمه ، تهزه ، تنهره ، تلطمه على خديه ، دون جدوى ، تعرف يقيناً أنه قد مات ، تبكي ، تنهمر دموعها إنهماراً ، تجلس على حافة السرير ، لترى صورتها في مرآة التسريحة ، وجه ممتقع ، وعينان مبللتان بالدموع الكثيفة ، وأنف مرتشح ، ولكنها مع هذا تلمح شبح أبتسامة فوق شفتيها ، إبتسامة رضا وإرتياح .

أجمل نساء الدنيا



أجمل نساء الدنيا في عينيا أنا

قدرت تأخدني في ثانية من روحي أنا

فاكرة الأغنية دي ، فاكرة سمعناها كام مرة و إحنا مخطوبين ؟ مليون .. أو ميت مليون مرة تقريبا ، كل يوم ، و كل لحظة وإحنا حبنا لسه بيتكون ، و بيتغزل على نول مشاعرنا و حياتنا ، كل لما أفتكر أي زكرى من زكرياتنا مع بعض في أيام الخطوبة ، ألاقي خلفيتها الأغنية دي ، فاكرة لما كنتي تخرجي من شغلك ، وتروحي على بيتك جري ، علشان تلحقي تطبخي أكل تحفه ، وتنزلي تاني المغرب علشان نتقابل بعد ما أكون خلصت شغلي ، كنتي بتعملي ده لمجرد إننا ناكل مع بعض ، و أقول لك يا مجنونة حد يفضل لغاية دلوقت من غير غدا ، كنتي تقولي لي ما أنت لغاية دلوقت من غير غدا ، كنت في الوقت ده عايش لوحدي ، وكنت بأتمنى أني آكل أي أكله بيتي كده و سخنه ، طبيخ و أرز و لحمة و الكلام ده ، و بمجرد ما أتمنى ، كنت ألاقيكي جايبة الأكل معاكي ، و ناكل مع بعض ، وأحنا بنسمع سوا

أجمل نساء الدنيا جوة عيوني أنتي

أجمل نساء الدنيا أنتي يا حبيبتي

فاكرة لما كنا رايحين ننقي العفش بتاعنا من دمياط ، كنتي متوترة و مستعجلة و خايفة الوقت مايكفيش إننا ننقي كل حاجة ، ساعتها قلت لك ماتخافيش حانلحق إن شاء الله ، ولما وصلنا شقتنا في مصر كانت الساعة بقت حوالي حداشر بالليل وكان معانا مامتك ، فاكرة يوميها أنتي ومامتك نمتوا فين ؟ كانت أول لحظة تغمض فيها عنيكي في شقتنا ، بيتك و بيتي .

أنا مش مصدق نفسي إنك بين إيديا

من يوم ما حبك خدني مش بتنام عنيا

فاكرة لما كنّا بنسمع الأغنية دي في الأوبرا من الراديو في موبايلاتنا في نفس الوقت ، و أول لما سمعنا الجملة إللي فاتت دي ، شبكنا إيدينا من غير ما نشعر ، وساعتها كل أصحابنا إللي ماكانوش لسه عارفين إرتباطنا إستغربوا قوي ، ولون خدودك بقى أحمر من الخجل ، ساعتها نظرة عنيكي كانت بتقول لي ، خبيني من عنيهم ، و كانت بتقول لهم ، أيوة .. أنا بأحب الراجل ده .

إحساس جميل جوايا أكبر م الغرام

و إللي مابيني و بينك أكبر م الكلام

أحساس جديد .. خدنا لبعيد .. مالوش حدود

أجمل من كل النسا

حبيبتي ، حقيقي لو فيه أغنية ممكن تقرب ولو شوية صغيرة من وصفك ، حاتكون الأغنية دي ، أغنية خطوبتنا و حبنا ، أجمل نساء الدنيا


زوجتي الحبيبة .. شكرا


نعم ، كانت ليلة القدر ، عندما إرتبط إسمك بإسمي في قاعة مشيخة الأزهر الشريف ، كي نصبح زوجين ، أمام الله و العالم ، كي أنعم بهذة الحياة و تلك النعمة ، نعمة أن تكوني زوجتي ، كم عاما مضت على تلك اليلة ؟ ثلاثة ؟ عشرة ؟ مائة ؟ ألف ؟ ... مائة ألف ؟ لا أذكر قبلك شيئاً كي أستطيع الحساب ، ولا أذكر الزمن و أنا إلى جانبك كي أعرف عدد الأيام و السنين ، كل ما أعرفه , هو أنني ولدت في هذا اليوم ، في ليلة القدر ، حين أصبحنا زوجين ، ولم أعبأ بأن أحصي عمري معك ، لأنه أبدي كما اعرف ، ربما بعض سنين في الدنيا ، و إلى الأبد في الآخرة إن شاء الله – إذا كانت الجنة من نصيبي طبعا – كي أكون معكي ، كما أتمنى و أدعو دائماً .

حبيبتي ، في ليلة مثل تلك الليلة ، إلتقت عينانا و تشابكت أيدينا ، معلنةً للدنيا ، أن فجراً جديداً قد بزغ لينير لي حياتي ، و يحتضن سنوات عمري بذراعين من نور ، في ليلة مثل تلك الليلة ، نسجنا أسرارنا و أحلامنا و أمانينا ، ثوباً من حرير ، يلفنا سويا منذ تلك اللحظة ، وللأبد ، بإذن الله تعالى .

حبيبتي ، لا أستطيع أن أصف أو أشكرك على ما وهبتيه لي من سعادة ، فأمام إبداعك ، تعجز الكلمات و تخجل ، فلا أجد أفضل من كلمات الرسول صلى الله عليه وسلم حين سُئل عن خير النساء فقال التي تطيع إذا أمر ، و تسر إذا نظر ، و تحفظه في نفسها و مالها *

____________________________________

* ( رواه أحمد و الحاكم )



ثوب الحبيب


التوب على جسمك جميل

فضفاض و مغزول من حرير

وخيوطة شرايين من ذهب

لون اللهب

مجدول عليه عشرين أسير

عشرين زرار

عشرين قمر وسط النهار

مترصصين في طريق طويل

التوب على كتافك ينام

وعند نور كعبك زليل

و كأنه مش قد المقام

و عشان ينول الإحترام

يصرخ و بالنور يستجير

التوب عليكي حياة وروح

نبض و ضمير

عمر . . عمري


خد بإيدي يا أبني وعدي كل سور

و إفتح الجناحات وطير ويّا الصقور

و إبقى ليّا دراع يمين بدل يميني

لو في يوم دراعاتي كلّت ع الجدور

-----

وإبقى ليا عيون قوية غير عيوني

وإبقى صاحبي ماأنت لونك نفس لوني

وإبقى جنبي وبعد ربك كون في عوني

قوم بدوري لو حاسيب في الدنيا دور

-----

إبقى بهجة وفرحة بتنوّر حياتي

وإبن صالح يدعي ليّا يوم ماماتي

ولجل قلبي عليك يكون مبسوط وراضي

أوعى بَعدي في يوم على أمك تجور

-----

ياحبيبي خد من الدنيا الحلال

دا الحرام أحماله أثقل م الجبال

و الطريق الصح راحة لكل بال

مهما كان مليان ديابة أو نسور

-----

حقق الأحلام بعلمك و إجتهادك

و إعرف إن مافيش مخلوق حايعيش حياتك

و إن ربك حطّ لك قدرات في ذاتك

وإبقى طول الوقت لنعمه عليك شكور

-----

و إعرف إن الدنيا حلوة بس حاسب

أوعى يوم تتغر نفسك بالمكاسب

و أوعى تبقى في يوم لعين الحق غاصب

مهما رزقك كان بسيط خلّيك صَبُور

-----

و إن في يوم إخترت قلب رقيق يضمّك

خد نصيحتي وهاتها طبق الأصل أمك

خللي دينها هو أول شيء يهمك

ياأبني طرح الفرع اصله من الجذور

-----

شد ظهري بخلفتك زيّن لي إسمي

و إرسم الأحلام عيال من نفس رسمي

و إهدي للأحفاد يا واد من أصل جسمي

نطفتك علشان نزوّد في الطابور

-----

كون حليم بزيادة لجل تزيد كرامة

كون حكيم حاتنجّي قلبك م الندامة

و إعرف إن السر كله في الإستقامة

زي ما سر السنابل في البذور

أميرة الأساطير


تحكي الأسطورة أن الفارس العاشق كان يحب أميرة البلاد ، وأنه تمنى أن يتزوجها ، ولكن ليفوز بقلبها كان عليه أن يواجه الأهوال ، فلم يتردد لحظة ، ومن أجلها حارب و قاتل و غامر و أنتصر ، ومن أجلها تعلم السحر و الفن و الشعر ، و قدّم لها مهراً من ذهب و ياقوت و لؤلؤ و مرجان ، و أنه إقتحم قلعتها الحصينة ليقدم لها كل كنوز الدنيا ، ويلقيها تحت أقدامها ، طالبا القرب منها ، مثبتاً بذلك حبه ، ومبرهناً بالدليل العملي على عشقه لها . تلك كانت الأسطورة ، ولأننا لسنا في عالم الأساطير ، ولأني متأكد أنكي تفوقين تلك الأميرة حسناً و رقة و برائة ، فقد كنت أستعد منذ يوم لقائنا الأول إلى رحلة ، شبيهه برحلة ذلك الفارس ، أحصيت أسلحتي لخوض غمار الحروب ، وملاقاة الأهوال ، أعدت العدة للبحث عن الذهب و الياقوت و الؤلؤ و المرجان ، إمتلكت كل كتب السحر و الفن و الشعر ، لأتعلم من الإنسانية كل إبداع الإنسانية ، لعل هذا يكفيني لأعبر به عن عشقي لأجمل نساء الإنسانية ، و عندما هممت أن أبدأ الرحلة الشاقة ، لأعود منها مثبتاً لكي حبي ، وجدتك لا تطلبين ذهباً ولا حروبا ، وجدتك لا تنتظرين ياقوتاً أو مرجان ، لا تحملين هذا الكِبر الإنساني ، ولا تعتزين بذاتك ذلك الإعتزاز الواهي ، وجدتك لا تحتاجين لشعراً أو نثراً لتقرأي ما يجول في خاطري ، أو تحكيه نظرات عيني ، فقلبك قادر على أن يترجم كل لفتاتي ويفهمها دون الحاجة لكلمات ، وجدت أن الحرب الوحيدة التي يجب علي أن أخوضها ، هي حربي مع نفسي لأكون أفضل في كل لحظة ، كي أكون جديراً بحبك و مشاعرك ، و أن أصبح مستحقاً لتلك اللمسات الحانية التي أشعر بها عندما تغيب كفك الصغيرة بين أصابع كفي ، أو تلك الدمعة التي أراها تختبأ بين جفنيكي عندما تودعيني في سفر أو غياب ، أن أحاول و أحاول ، كي أكون فارسك النبيل ، الذي يستحق أميرة حقيقية ، أجمل من كل أميرات الأساطير .

أتوبيس المدرسة

تتداعى كل حصون مقاومتي بمجرد أن أغلق الباب خلفك ، تتداعى كل تحصيناتي الدفاعية التي تمنع دموعي من الفرار من بين جنبات محجريها لترسم نهر النيل فوق وجندتاي المتعبتان من طول السهر ، وطول العمل ، هو اليوم الأول إذاً ، الذي تعبرين فيه عتبة باب الدار في الصباح الباكر ، وحيدة ، دون أن تكون يدك بين أحضان يدي ، هو اليوم الأول الذي تستنشقين فيه نسمات الندى وحدك و يغمرك فيه إحساس البرد المحبب إلينا دون أن أكون إلى جوارك ، هو اليوم الأول الذي تخرجين فيه لتركبي الحافلة الخاصة بمدرستك لتوصلك إلى عملك بدلاً عني ، ورغماً عني ، كم كرهت تلك الحافلة ، كم كرهت ألوانها البيضاء و الزهري ، كم تمنيت أن لا تصل ، كم تمنيت أن لا يدق جرس هاتفك المحمول ، معلنا بكل قسوة ، أن موعد خروجك قد أصبح وشيكا ً .

غريباً أمر هذا الفجر ، هو لم يكد يبذغ منذ ساعتين حتى قفل ، و عجيب أمر تلك الشمس التي لم تلبث في السماء سوى لحظات ، لتنير الدنيا ، ثم تختفي مع إختفاء وجهك خلف جدار السلم و أنتي تقولين لي ، أستودعك الله ، لم أشعر بنفسي إلا و أنا أرقبك من خلف نافذتنا المغلقة دائما ً ، و أقرأ آية الكرسي و الموعذتين ، و أدعوا و أقول " أللهم إني أستودعك إياها فأحفظها ، فأنت خير الحافظين " .

أعرف أن فراقنا لا يتعدى سويعات قليلة حتى الظهيرة لنلتقي ثانية ، لكني أشعر أني بدونك وحيد جدا ، و تعيسا جدا ، تفزعني فكرة أن هذا سيتكرر كل يوم ، كم هي قاسية تلك الحياة على البشر و كم هم قساة أصحاب الأعمال ، ألوم نفسي أنني لم أتخرج معلما ً مثلك ، و ألومك أنكي أرق من أن تشاركيني عملي الشاق . حبيبتي ، يا أغلى من في هذا الكون ، وأرق من فيه ، أحبك ، ولا أود أن أفارق جوارك أبداً ، لا في الدنيا ، و لا في الجنة بإذن الله .