كانت تداعب سلسلة المفاتيح الطويلة بيدها في ملل واضح ، عيناها تنظر إلى الطريق وهو يطوى تحت عجلات السيارة الفارهة التي إشتراها زوجها منذ بضعة أيام ، سيارة كبيرة من نوع الجيب التي تكرهه ، لكن زوجها يهوى هذا النوع و كان يتطلع إليه دائماً ، وها هو الآن يمتلك واحدة من تلك السيارات التي طالما كان يحلم بها ، هي لاتعرف مايستهويه في هذا النوع الفاره المخيف ، سيارة لا يمكن أن تشعرك بالحميمية أو الألفه ، كما أن بها الكثير من النزعات العنصرية و التعالي ، فقط جهاز التكييف بها جيد ، هو الشيء الوحيد المحبب لها في هذة السيارة ، إنحنت برأسها للخلف ، لتلامس مخدع كرسي السيارة الوثير ، غاصت برقبتها في بطانته المريحة ، المريحة بدنياً ، إرتكزت برأسها المائل لتسطدم نظرتها بالزجاج المغلق معتم اللون ، كم كرهت هذا اللون المعتم ، صحيح أنه يمنع من في الخارج أن يرى من في داخل السيارة ، لكنه يشعر من بالداخل أنه في سجن حقيقي ، يأسره داخل حدود السيارة الديقة مهما رحبت ، ويحيله إلى جزء من غيام كئيب .
هاقد وصلنا ، قالها زوجها بإرتياح وسعادة ، مدخل الفندق الضخم ، التي نزلت فيه هي وزوجها عشرات المرات ، هو ذاته الفندق الذي شهد ايام شهر العسل ، وهو ذاته الفندق الذي ذبحت فيه عذريتها بطريقة لم تنساها أبداً يوما ما ، إقتنص يومها حقه إقتناصاً ، ونام ، لم يتألم لبكائها ، أو إنكسار مشاعرها تحت وطأت هجمته الشرسة ، فقط تألم عندما إستضم معصمه بطرف المنضدة ، هذا ما كان يؤلمه في تلك الليلة ، مر على تلك الواقعة عشر سنوات ، أثمرت عن عمر من التعاسة و طفلين وسيارة جيب ، ورحلة تمقتها إلى مكان تمقته ، طالما كان لديها الدافع و الإستعداد لتغفر و تصفح و تسامح وتنسى وتعيد عقارب الزمن للوراء عشر سنوات ، فقط إذا قال لها كلمة رقيقة ، أو أهداها وردة ،أو إعتذر لها يوما عن ذنب تافه يكون قد أقترفه في حقها ، لكنه لم يفعل . . أبداً لم يفعل .
إستدارت تلملم باقي أغراضها قبل أن تغادر الغرفة ، عوامات الأولاد ، كريم الشمس ، كارنيهات المناشف لتستبدلهم على الشاطيء ، رواية لإحسان عبد القدوس تقرأها للمرة السابعة عشر ، الجرائد لرب الأسرة ، وضعت كل الأشياء في شنطة صغيرة من نوع "الهاندباج " و مشت ورائه و أبنائها كالتعجة في القطيع ، هي طبعاً آخر القطيع ، كم تمنت أن يحمل عنها تلك الشنطة ، أو حتى يعرض عليها حملها ، لم يفعل بالطبع ، نزلت الدرج المؤدي إلى باب الخروج للشاطيء ، فتح الباب ليعبر هو أولا ً ، ثم الأبن الأصغر ، فالأكبر ، ترك الباب ليغلق من تلقاء نفسه ، سندت الباب بظهر معصمها التي تحمل به الشنطة ، و أكملت بذراعها الضعيفة فتحه وهي تلملم طرف ثوبها كي تمنع الرمال أن تعلق به ، رأت البحر ، كانت لم تراه حتى تلك اللحظة ، تمنت أن ترتمي في أحضان البحر متدثرةً بضوء الشمس ، فاردةً ذراعيها عن آخرهم لتحتضن الكون .
إنتهت السهرة ليلا ، عائدة هي إلى الغرفة خلفه ، يفتح باب الغرفة تاركه لها لتغلقه ، يخلع ملابسه ويجذبها ، وكما جرت العادة بينهم طوال عشرة سنوات ، يقتحمها دون إذن أو هوادة ، لتشم هي رائحة عرقة الممتزج بالعطر الرجالي الثقيل ، تألمها ذقنه المنبته الخشنة ، يدايقها هذا السوار الفضي الذي يلتف حول معصمه ، تزعجها زفراته و أنفاسه ، ثم ينتهي كل شيء ، دون أن تشعر هي باي حميمية أو سعادة ، فقط هو سعيد ، يبتسم ويتنهد ، ويتجشأ و يرقد على ظهرة ، يطلب منها أن تغلق الضوء ، الذي يصر هو أن يكون مضائاً ليفقدها أي شعور برومانسية تلك اللحظات ، تطفيء نور الأباجورة ، تتقوس على ذاتها في وضع جنيني، و تبكي، أو على وجه الدقة تنتحب ، فيمتزج صوت نحيبها مع صوت"شخيره"العالي لتستيقظ صباحاً فتجده مازال نائماً ، تنظر إلى جسده الضخم الراقد في ثبات ، تحاول إيقاظة ، تناديه بإسمه ، تهزه ، تنهره ، تلطمه على خديه ، دون جدوى ، تعرف يقيناً أنه قد مات ، تبكي ، تنهمر دموعها إنهماراً ، تجلس على حافة السرير ، لترى صورتها في مرآة التسريحة ، وجه ممتقع ، وعينان مبللتان بالدموع الكثيفة ، وأنف مرتشح ، ولكنها مع هذا تلمح شبح أبتسامة فوق شفتيها ، إبتسامة رضا وإرتياح .
3 comments:
اسف بس المشكلة فين
فى السلسلة بتاعت المفاتيح
ولا فى ريحة دقنه المنبته ولا فيها هى
الكلام صغير خالص مع الخلفيه السودا مخلى الدنيا عندك مش بهيجه
اسف كلامى مش مقصود منه غير التصليح مش التهكم
هذا وبالله التوفيق
حلو قوى
وصفك بيلمس المشاعر
حلوه اوى
بصراحه انا فرحانه انه مات
يلا عقبال اللى زيه
ههههههههههههههههه
Post a Comment