Pages

من غير كلام

كانت جالسة على العشب الأخضر في الحديقة ، تمشط شعرها الطويل بدلال ، تحت ظل الشجرة التي إعتادت أن تجلس تحتها كل نهار ، كانت لحظتها تشعر أن العالم ، يتكون من عنصرين فقط ، الفراغ و الكسل ، زاد من إحساسها هذا جو بداية فصل الربيع الصامت ، هي لا تعرف لماذا يغنون للربيع بإعتباره أجمل الفصول ، لا شك أنهم أغبياء جدا ، كانت هي غارقة في تخيلاتها حول الكسل و الربيع ، عندما عبر هو بالقرب منها في خيلاء و ثقه ، توقفت دقات قلبها للحظة ، ثم أنطلقت تعدو في ماراثون محموم ، وكل دقة تريد أن تسبق الدقة التي تليها ، بهرها شكله الوسيم ، وشعره المصفف بعناية ، بهرتها قوة شخصيته الواضحة من إتساع خطوته ، وكبريائة التي لا تخطئه عين ، إلتفت إليها إلتفاته صغيرة ، وسلّط كل سحر عينيه في مقلتيها تماما ، أصاب الهدف من أول رمية ، وجدت نفسها تتحرك من مكانها تحت الظل ، لتخرج من مجاله إلى مجال الشمس الساطعه ، والتي تحيل اللون الأخضر الغامق للعشب على الأرض إلى أخضر فاتح زاهي ، توقف هو ، وإنحرف ناحيتها ، بإتجاهها تماما ، بدأت هي بالتمهل في مشيتها ، فهي لا تريد أن يفتضح أمرها أمامه ، فهاؤلاء الذكور يبدأ إهمالهم للأنثى بمجرد أن يبدأ إهتمامها هي بهم ، إستمرت في التمهل حتى توقفت في منتصف المسافة بين الشجرة و بينه ، تقدم هو منها واثقا من نفسه تماما ، واضعا عينيه في عينيها مباشرة ، حتى وصل أمامها بحيث لم يفصل بينهما إلا شبر واحد ، نظر إليها نظرة كلها ثقه و إحتواء ، ثم إلتفت إليها لتتبعه ، مشى أمامها بخطوة ، بل بنصف خطوة ، وهي تتبعه كالمغيبه عن الوعي ، إنها لا تصدق نفسها الآن ، هي ؟! التي طالما رفضت متقربين كُثر لها ، تترك زمام أمرها في يد من لا تعرفه ، لمجرد أن رمقها بنظرة إعجاب ، داخلها يطمئن له ، بلا مبرر ، إستمرت في المشي بجانبه ، حتى إنحرف بها عند ناصية الحديقة ، ثم عبر وهي ورائة باب الفيلا المجاورة ، لم ينهره البواب الجالس على الدكة عند الباب ، إذا هو مقيم هنا ، ما يعني أنها الآن ذاهبه إلى منزله ، بإرادتها ، ودون أي رفض أو مقاومة ، أو حتى تسائل ، بدأت خطواته تسرع وهو يتوجه إلى ركن الحديقة الخاصة بالفيلا ، وهي ورائة تتابعه ، حتى وجدت نفسها معه وسط حشد من القطط أمثالهم .

نيااااااو


مستوحاه من قصة " عطية " للكاتب ماهر عبد الرسول محمد


جلطة في القلب


جوة جوف القلب طارح

فرع دَم

لونه أحمر بس مطفي

صوته حاضر بس مخفي

هو فرع عبيط

أصَم

تحت ثقل دهونه مكفي

رغم إنه لاعمره داق

ولا عمره شاف

ولا عمره شَم

ولا عنده كان من أصله فم

ولا قال في يوم

هاتولي مَم

دلوقتي جاي جرّاح عنيد

في إيديه مشارط من حديد

يقطع في لحمه من بعيد

حرام يا ناس

ماتقوم يا عَم

حاتموت سجين وسط الضلوع

يكفيك حنين

يكفيك دموع

يكفيك أنين

يكفيك خضوع

حاتموت يا قلب

بزيادة همّ

زرار قميص


لم تشعر بالتعب وهي تنهي أعمال المنزل المعتادة ، وترمي جسدها النحيل المنهك ، ليلتصق بجسد أمها الممتليء من أثر التقدم في العمر و قلة الحركة ، على الكنبة الوثيرة في الصالة ، لم تشعر بالتعب لأنها إعتادت أن تفعل ذلك دوما ، كل يوم ، كل ساعة ، كما أنها من نوع البشر ، الذي لا يلقي للتعب الجسدي بالا ، فقط نفسيتها عندما تتعب يمكن أن تُقعد جسدها عن الحركة ، وتحيلها إلى كائن شاحب هزيل .هي إنسانة شاعرية إلى أقصى مدى ، تزوجت مبكرا ، وطلقت مبكرا أيضا ، لا ينقصها مالا أو جمالا أو تعليم ، فقط هي لا تنجب ، ولن تنجب إلا بمعجزة من السماء ، وفي عصر لا يؤمن به أحد بمعجزات السماء ، حُكم على زواجها بالإنهيار ، وعليها بالوحدة .عادت كأي مطلقة إلى بيت أهلها مرة أخرى ، لم تشعر بالجرح ، فالسنوات الثلاث التي عاشتها في بيت زوجها السابق ، لم تعني عندها اي شيء ، سوى إعتياد الحياة مع رجل تقليدي جدا ، وحتى لحظة إتمام إجراءات الطلاق ، لم يتحرك داخلها سوى إحساس بالهزيمة ، وإكتشفت أنها لم تُكنّ لهذا الشخص الذي كان زوجها منذ لحظات ، أي مشاعر سلبية أو إيجابية ، و عندما عادت مع شنطة ملابسها إلى منزل العائلة ، لم تشعر أنها غادرته إلا منذ وقت قصير ، وكأن الثلاث سنوات التي مرّت عليها في بيت الزوجية لم تكن ولم تمر ، وكأن هذا الرجل كان حلماً وإستيقظت منه بعد نومة طويلة نسبيا .

مدّت ذراعها لتلتقط بأناملها حبيبات اللب الأبيض التي تعشقه من طبق المكسرات الكبير على طاولة الأنترية ، دسّت حباية لب بين اسنانها وشرعت في كسرها بإحتراف النساء في هذة الأمور ، عندما سمعت دورة المفتاح في كالون باب الشقة ، هو أخوها بالتأكيد الذي جاء ، أخوها الكبير ، هو الآخر مطلق منذ عامين ، رغم أنه يعمل مدرس بالجامعة ، ولديه كل مقومات الزواج ، وسنة لم يتعدى الأربعين ، إلا أنه لا يريد الزواج مرة أخرى أبدا ، فقد خرج من تجربة زواجة الأول بعقدة كبيرة ، وعدة فضائح ، وقضيتين ، وحزن لم يفارقه منذ حينها ، وجفاء وفتور بينه وبين كل العالم من حوله ، أصبح صموتا مكتئبا ، يبتعد عن الناس و الأهل ، وحتى عنها هي ، أخته الصغرى التي طالما أحبها و دللها ، ولأن المصائب لا تأتي فرادى ، فقد أصيب أيضا بمرض السكري ، والذي زاد من عذابها إصراره على حقن نفسه دون مساعدة بالأنسولين كل يوم ، ورفضه تماما مساعدتها هي أو أمها له في هذا الأمر ، أو أي أمر آخر ، وحيدا أصبح هو ، وأمسى ، وصار أكثر من وحيد .

مالت علبها أمها تهمس لها بعد أن ردّت التحية المقتضبه التي ألقاها هو عليهن ، بأن تسأله إذا كان يريد طعام الغذاء الآن ؟ إتجهت هي إلى باب حجرة أخيها تطرق عليه بحذر ، و كأنها تخشى أن تجرح وحدته ، حتى لو بصوت ، جائها الرد مقتضبا جدا ، " إدخل " ، رسمت إبتسامة عريضة على شفتيها وفتحت الباب بتؤده ، دخلت لتجده يخلع قميصة الذي كان يرتديه ، سألته بحنان وهي تربت على كتفه ، " مش جعان يا أبيه ؟ " رد بهدوء ، " لا " تنظر إلى زراعه العاري وتتذكر كم نامت من قبل على هذا الذراع ، كم كانت تشعر بالأمان و الحماية و الإطمئنان ، تذكرت هذة الندبه التي كانت هي السبب فيها ، عندما تشاجر أخيها مع أحد الغوغاء الذي حاول أن يجذبها من ذراعها في السوبر ماركت ، فجرح بنصل المطواة التي كان يحملها هذا الشخص السمج ، كم تمنت أن ترتمي في أحضان أخيها الآن ، وتبكي ، كم تمنت أن تجعله هو أيضا يبكي ، يخالجها يقين بلا دليل ، أن بكائها و بكائه سيعيد له الحنان المفقود ، وسيعيد لها الأمان المفقود أيضا ، لا تعرف كيف ، ولا لماذا يستعر داخلها هذا الإحساس ، فقط هي متأكدة بلا سبب مقنع أو واه ٍ ، أفاقت من ذكرياتها على صوته الهاديء الحزين يطلب منها أن تخيط له زرار قميصه الأبيض ، فلقد أنفصل عن موضعه كما يحدث أحيانا ، خرجت مسرعة إلى حجرتها لتحضر أبرة و خيط ، ممسكة بالقميص بين يديها ، وفرحة ، فهي المرة الأولى منذ عامين ، التي يطلب منها شيء بشكل مباشر و صريح ، جلست على طرف سريرها في غرفتها و بدأت تخيط القميص رويدا رويدا و بمنتهى الدقة و الحرص ، تأكدت من أنه قد ثُبًت جيدا ، حاولت نزعه عدة مرات زيادة في الحرص ، ثم عادت إلى أخيها الذي كان قد إرتدى بيجامته اللبنية ، قالت له " إتفضل يا آبيه " أخذ القميص من يدها ، وهمَت بالإنصراف ، عندما وجدته يميل ناحيتها و يطبع قبله أخوية جميلة على جبينها الخمري ، لم تستطع منع دموعها من الإنهمار ، حاولت حبس أنفاسها ذاتها دون جدوى ، شعرت أن أخيها عائد من سفر طويل ، وكأنها تراه لأول مرة منذ سنتين ، إحتضنها و قبّلها في شعرها الناعم ، قبلتين أخرييتين ، ومضى إلى الحمَام ، بللت دموعها وجهها ، وأرتسمت أبتسامة فرح حقيقية على وجهها الملائكي ، ولم تشعر إلا و يدها تقتلع زرارا آخر من مكانه ولكن من القميص الكحلي .

إهداء


إلى المرأة التي أعطتني كل شيء

بلا مقابل

و

بلا حدود

إلى بوبو

أهدي لها الكتابين


إبتسم .. وإفرح .. وطير


إفتح الشباُاك في اوضتك

وإبتسم وأفرح و طير

خلّي قلبك هو عرشك

تبقى بيه أجمل أمير

سيّب حنان الكون يضمّك

أوعى تسمح شيء يغُمّك

وإبقى طيب زي أمك

وإملا روحك بالضمير

إفتح الشبّاك في أوضتك

وإبتسم وأفرح و طير

خلّي آخر الكون ده حلمك

وإبقى سيد الناس بعلمك

الفاروق على إسمه إسمك

هو نورك والسبيل

إفتح الشبّاك في أوضتك

وإبتسم وإفرح وطير

صلّي و أسجد وإرضي ربّك

هو فيه مين قدّه حبّك ؟

والإيمان حايقوّي قلبك

والنبي هو الدليل

إفتح الشبّاك في أوضتك

وإبتسم وإفرح و طير

إبقى وسط الصحبة نور

وإوعى ياأبني من الغرور

أصله داء كل الشرور

للغني أو للفقير

إفتح الشبّاك في أوضتك

وإبتسم وإفرح وطير

خير بلدنا مالوهش حصر

ماأنت يا أبني إبن أصل

أصل بلدك هي مصر

إلّي فيها الخير كتير

إفتح الشبّاك في أوضتك

وإبتسم وإفرح و طير

خلّي قلبك هو عرشك

تبقى بيه أجمل أمير

ألـف سـلامـة




تمر الساعات ثقيلة

وأنا في إنتظار خروج الطبيب ليخبرنا أن كل شيء قد إنتهى

وأن معاناتك التي لاقيتها على مدار سنتين

لن تكون بعد الآن

أنظر إلى الباب المعدني الكبير

باب غرفة العمليات

الذي يفصلني عنك

وأشعر أنه حائط من الفولاز

أسترق السمع

ربما أسمع صوتك

تتكلم

تتأوه

تبكي

فقط أريد أن أسمع منك أي شيء

لكن دون جدوى

أتذكر لحظة دخولك إلى غرفة العمليات

وأشعر أنها كانت منذ سنوات

رغم أنني لم أغادر الطابق السادس بعد

عمر

لم أكن أعرف أنني أحبك إلى هذة الدرجة

نظرات عينيك قبل لحظات

عندما كنّا أنا و أنت نلعب سويا

لا تفارق ذاكرتي

بسمتك البريئة

وشعوري بأنني أخون ثقتك في

عندما تركتك مع هؤلاء الغرباء و خرجت

صحيح أنهم سيعالجوا ما بك من متاعب

لكني أشعر بوحدتك

وإفتقادك لي أنا و أمك

حبيبي

إبني

كم أشتاق لصوت ضحكتك المجلجل

كم أشتاق لبسمتك البريئة

الشقية

ولمساتك الحانية جدا

وأنت تربت على كتفي وأنا أحملك

فالحياة في هذة الدنيا

لا تطيب إلا بك

ولا تحلو إلا بوجودك

فأنت تتويج لحبي لأمك

وصورة لعشقي لها وهيامي بها

لكن صورة من لحم و دم

وبسمات

ودموع

شفاك الله يا بني

وعافاك من كل شر

يا روحي التي خارج جسدي

ألف سلامة


ع الأصل دوّر


إقتراح و دعوة لجميع المدونين

حملة إسمها

ع الأصل دوّر

هي عبارة عن إن كل مدوّن يكتب بوست عن الحي إللي عاش و إتربى فيه وهو صغير

ويحكي لنا عن الشوارع و الناس و حكايات الحي ده

ومن منطلق إبدأ بنفسك

أنا بأفتح الباب


الظاهر

حي البهوات و الأفندية قبل الثورة

وحي الأفندية و كبار العمّال بعد الثورة

وحي أي حد بعد الإنفتاح

إسم حي الظاهر نسبة للظاهر بيبرس ، لأن في الحي ده موجود جامع الظاهر بيبرس ، وإللي إحنا – أبناء الحي – بنقول عليه مدبح الإنجليز ، وده لأن زمان أيام الإحتلال الإنجليزي لمصر ، كانت القوات المحتلة قفلت الجامع و حولته لمدبح عجول و مواشي و خرفان ، و فضلوا يستخدموه بالشكل ده سنين طويله ، لكن أهالي الحي إستمروا يقيموا شعائر الصلوات حوالية بالعند فيهم ، ولما غاروا في ستين داهية رجع الجامع تاني يستخدم للصلاة و العبادة ، لكن فضلنا إحنا أبناء الحي نقول على ميدان الظاهر والموجود في وسطة الجامع ، ميدان مدبح الإنجليز .

شوارع الحي ده غريبة قوي في أسمائها ، لأن كل الشوارع في كل حته في مصر بتكون بأسماء أشخاص مكونة من أسمين أو ثلاثة وساعات صفاتهم كمان ، زي مثلا شارع البطل أحمد عبد العزيز ، أو شارع عبد المنعم رياض ، إنما في حي الظاهر ، أسماء الشوارع أغلبها من أسم واحد ، زي مثلا شارع حمدي أو شارع زكي أو شارع جعفر أو شارع زهني ، وحتى الميادين ، زي ميدان فخري مثلا ، وحتى الشوارع الكبيرة الرئيسية ، زي شارع الظاهر وشارع الجيش ، ونادر لما يكون فيه شارع من إسمين زي مثلا شارع أحمد سعيد ، أو شارع قنطرة غمرة .

كمان في الظاهر معابد يهودية وأنقاض معابد يهودية كتير ، وفيها كمان المدرسة الإسرائيلي ، وإللي حاليا هي المدرسة الثانوية الفنية ، وده لأن الطائفة اليهودية في مصر كانت متمركزة في منطقة الظاهر بشكل أساسي .

القهاوي في الظاهر مشهورة بحاجتين مهمين جدا ، القرفة بالحليب ، والشاي بالحليب ، وكفاية نفتكر أغنية محمد فؤاد " يعني إيه كلمة وطن " لما بيقول فيها ،، شاي بالحليب على قهوة في الظاهر هناك ، نسمة عصاري السيدة ودير الملاك ،، وطبعا لازم نقول إن الظاهر مليان قهاوي لدرجة إن بين كل قهوة و قهوة فيه قهوتين وقهوة لسه حاتتفتح ، بس كل القهاوي القديمة محتفظة بالترابيزات الرخام القديمة ، إنما الجديد بقى ، متبني نمط الكوفي شوب .

في الظاهر كمان شارعين تجاريين كبار جدا هما شارع بورسعيد وشارع الفجالة ، وطبعا مش محتاجين نقول أد إيه هما شوارع تجارية مهمة في القاهرة ، وعندنا كمان شارع الجيش ، وده شارع بجد كأنك جوة كتاب تاريخ لما تمشي فيه ، عمارات كلها قديمة ، مشربيات و بلاكونات على الطراز الإنجليزي و الفرنسي ، بس طبعا يعلوها التراب و الإهمال كالعادة .

ندخل بقى على قصر السكاكيني ، أجمل تحفة معمارية في الحي ده ، ويمكن من أجمل التحف المعمارية في مصر ، قصر مبني وسط ميدان تتفرع منه ثمانية شوارع ، وكأن القصر قرص الشمس و الشوارع هي أشعتها ، تماثيل و منحوتات وزجاج معشق و فسيفساء و قول زي ما تقول في أنواع الفن الموجودة في القصر ده ، السور الحديد بتاع القصر بس ، يعتبر تحفة فنية ، بجد من أجمل التحف الفنية المهملة طبعا في مصرنا الحديثة .

نيجي بقى لآخر حاجة و أجمل حاجة في الظاهر ، وهي الناس ، تقريبا كل أهل الظاهر القدام يعرفوا بعض ، وصعب جدا إثنين من جيل واحد يكونوا مايعرفوش بعض ولو حتى بالشبه ، الغريب إن أهالي الحي ده بيعتبروا الظاهر ده وطن ، يعني تلاقي واحد يقول للثاني ، إنت من الظاهر ؟ والثاني يرد يقول له آه ، فورا يبقوا أكثر من الأخوات ، وتبدأ بينهم مودة جامدة بسرعة البرق ، ناس الظاهر كمان عندهم سوق شارع حمدي ، وهو سوق خضار و فاكهة ، أجمل و أغلى من سوق التوفيقية ، وبيفتخروا بيه جدا ، بس بينهم و بين بعض ، ولفترة طويلة كانوا بيعتبرو السوق ده هو سرّهم المقدس ، إللي مايصحش إن أي حد من بره الحي يطلع عليه ، ومن هناك ممكن تاكلوا فواكه ، أجمل من أي مكان تاني في مصر ، كمان أغلب أبناء الظاهر حاتلاقيهم متخرجين من مدارس راهبات أو رهبان ، زي المارونية و الكولاج دي لاسال و البطريكية و السيكريكير و سان فان سان دي بول ، وده مالوش دعوة بالحالة المادية ، لأن المدارس دي زمان كانت مش غالية لكن بتشترط التفوق و الأخلاق ، إنما دلوقت الوضع طبعا مختلف .

علشان كل إللي فات ده ، أنا حتى هذة اللحظة لما بأدخل حي الظاهر ، بأحس بدفء و أمان أكتر من أي مكان تاني ، ورغم كل التغيير الكبير إللي حصل هناك ، إلا إني دايما بأشتاق للحي ده ، وللشوارع إللي لعبت فيها وأنا صغير ، وعملت فيها مصايب طفولة مالهاش عدد .

وبجد إللي عايز يشوف الوحدة الوطنية بين المسلمين و الأقباط و بصورة واضحة جدا ، يجي يزور حي الظاهر ، حايلاقي هناك مصر بتاعت زمان .

علشان خاطرهن