فى البوست اللى فات ( السبع حاجات ) ذكرت أنا أننى قد قررت الهجرة من مصر و هو ما دفع بنت مصريةللأستغراب و السؤال فى تعليقها عن الهجرة و ما قد حدث للناس و دفع أغلب الناس للتفكير فى الهجرة .
و لأنى أقدر بنت مصرية تقدير كبير فقد قررت أن أجيب على تعليقها بمقال و ليس مجرد ردا ً عاديا ً .
و أولا ً أرجو أن يعذرنى كل من سوف يقرأ هذا المقال عن ما قد يراهما البعض أنهماخطأين , فى الحقيقة , نويت أن أقع فيهما عن قصد و بأصرار , الأول أننى سوف أوجة خطاب الحديث إلى بنت مصرية و ليس إلى ما هو مبنى للمجهول أو ضمير المخاطب و ظنى فى ذلك أن هذا حقها لأنها هى من أتاحت لى هذة الفرصة كى أعبر عن ما بى من معتقد فى هذا الموضوع الشائك ( الهجرة ) . كما أنه قناعتا ً منى بأن هذا تفضيل هى تستحقه عن جدارة نظرا ً لدورها المتابع و الدافع و المشارك فى كل ما يتعلق بالتدوين و المدونين .
و الثانى , أننى قد أقوم بسطر رأىِ دون مواربه أو خجل أو تملق أو نفاق و هو ما يعنى أننى سوف أقول الحقيقة فى رأى كما أراها و هو الشىء الذى قد يعجب به البعض و ترفضة الغالبية العظمى من قرّاء هذا المقال .
و الحقيقة أنه بعد ألتماس هذا العذر فأننى أطمع فى ما هو أكثر من ذلك و هو أن تعلق هى أو أيا ً من الأخوة المدونين أو الأخوات المدونات كلا ً فى مدونته على هذا الموضوع الهام , و أخيرا ً أرجو من كل من تعودوا على الدخول إلى مدونتى الصغيرة هذة لقراءة ما أكتبه من أشعار أن يلتمسوا لى العذر أيضا ً فى أننى و لأول مره منذ زمن أقوم بكتابة بوست عبارة عن مقال و ليس شعرا ً و هو ما قد يسبب لمن تعود أن يقرأ فى هذا المكان شعرا ً الديق و يسبب لى بالتالى الحرج
فعفوا ً جميلا ً
و لنبدأ الآن بسؤال بنت مصرية (( هو فيه أيه يا ناس ,,, كل الناس عايزة تهاجر ؟ )) .
هذا هو السؤال و أليكى الإجابة
ليس بالحب وحده يحى الأنسان ,, نحن نصحوا و ننام فى بيئة فاسدة إالى أبعد ما يمكن تصورة
نستنشق فى الصباح هواء مسمم بالعادم و الرصاص و نسبة التلوث فى مصر متزايدة و رائعة بل و متفوقة على غيرها من بلدان العالم الثالث فى هذا المجال , كما أن الطعام فاسد و ملىء بالمبيدات المسرطن منها و المشع , و المسمم منها و المهجّن , كما أن الأنسان فى هذا البلد يشرب مياة أقل ما توصف به هو أنها غير صحيّة , فإذ كانت الأحتياجات الأساسية للأنسان من مأكل و مشرب و تنفس هى فى هذة الحاله المذرية فماذا بعد ؟؟
أنظرى إلى حال الناس من حولك بقليل من التأمل و كثير من الحزن و الشفقه , رب الأسرة اللص أو الكاذب أو المرتشى , لدية أسبابه , و السبب , إذا لم يفعل ذلك فلن يجد قوت يومة ,, و هذا الأب ليس جاهلا ً أو عاطلا ً و لكنه يريد أن يعيش , فقط أن يحيا كما يحيا البشر فى أنحاء الأرض من أقصاها الى أقصاها ,, أن يستطيع أن يفكر فى شىء آخر غير المال و متطلبات الحياة و الأولاد , فما بالكِ برب الأسرة الجاهل أو العاطل , فالطامه هنا أشد كبرا ً و عظمة .
الناس فى هذا البلد لا يجدوا ما يأكلون , تعودوا على الجوع فأزداد جوعهم جوعا ً و أنهارة القيم من حولهم أنهيار الجبال , الشاب الذى يرى فى الخديعة أصول لعالم المال و الأعمال لا تنتظرى منه أن يحمل لواء الرأس مالية الوطنية و لكن أنتظرى منه أن يحيا على أجساد البشر و أن يتذوق لحم الفقراء على شوايات الجريل فى محلات الأكلات السريعة و أن يستطعمة و يعتاد عليه , البنت التى ترى أن العرى فى الفن أفضل طريقة للوصول الى الشهرة و المال لا تنتظرى منها أن تجتهد لتخرج من صوتها أنت عمرى أو الأطلال , إن الفساد ليس كلمة أو موقف بل هو نمط حياة تفشى و تزايد حتى طغى و تجبر على كل القيم النبيله و المعانى السامية , ومن الخطأ الشديد أن نتصور أن ما حدث قد حدث بأيادى غريبة آثمة أرادة ببلدنا الشرور و أنزلت بها الكوارث و عظائم الأمور . فمن السهل على أى أنسان أن يعلق أخطائه على اقرب شمّاعة خاوية فى دولاب الحياة و لكن من الصعب أن يقتنع أو يقنع أحد بأنها الحقيقة , فنحن سببا ً رئيسيا ً فيما نحن فيه .
نعم ,, لقد سقطنا كمجتمع و كدولة فى غياهب سحيقة للنسيان وسط الدنيا , جميعا ً , جميعا ً و جميعنا مسؤل عن ما هو فيه ,, منذ أن أختفى حلم الوطن و ظهر حلم المال ,, أنا لست ضد المال و لكنى ضد أن يكون هذا المال ثمنا ً لأوجاع الناس أو جوعهم .
المجتمع المصرى يتمذق منذ ثلاثون عاما ً و جميعنا نقف دون حراك , و كأننا نشاهد مأساة تحدث لأناس غيرنا و كأننا لا تعنينا البلد أو ما فيها من سخف و تيه يملأ العقول قبل الآذان و العيون .
الشاب يبيع كرامته اليوم ليأكل الفتات و يصبح فتات و السلطة لا تلقى له بالا ً أو حتى ألتفات , إننا الآن فى ما يشبه صندوق ملىء بالكرات الزجاجية و لكنه يتدحرج إلى المجهول , و بالتالى تحول الحلم الوطنى إلى أحلام شخصية مبعثرة , كل ٌ يريد أن يحافظ على كراته الزجاجية سليمة داخل هذا الصندوق المجنون المتدحرج إلى الهاوية , و أنا قررت بمنتهى العقل الناضج و القلب الحزين المعتصر ألما ً أن آخذ كراتى و أقفذ من هذا الصندوق بلا رجعة
قد أكون متشائما ً ولكنى لست مخادعا ً و أسوأ أنواع الخداع هو خداع النفس بأسم التفائل ,, أقرأى كتاب اليابان للكاتب عادل حمودة لتعرفى لماذا نحن فى الخلف دائما ُ , أقرأى قصيدة هوامش على دفتر النكسة التى كتبها نذار قبانى منذ سبعة و ثلاثون عاما ً لتعرفى عن مأساتنا الكثير , لقد لخص نذار قبانى مأساة الشخصية العربية فى بيتين فقال
خلاصة القضية
توجز فى عبارة
لقد لبسنا قشرة الحضارة
و الروح جاهلية